هذين النوعين على أنّه لا بدّ للتفرقة من سبب ، ولا بدّ في ذكر ذلك الوصف من فائدة ، فإذا جعلنا الوصف سببا للتفرقة حصلت الفائدة.
النوع الخامس (١) :
النهي عن فعل يمنع ما تقدّم للزوم وجوبه علينا ، فيعلم أنّ العلّة في النهي منعه من الواجب ، كقوله تعالى : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)(٢) ، فإنّه لمّا أوجب علينا السعي ونهانا عن البيع مع علمنا بانتفاء جواز ذكر النهي في هذا الموضع على تقدير كون النهي عن البيع مانعا من السعي ، فذلك يدلّ على أنّ علّة النهي المنع من الواجب ؛ وكتحريم التأفيف ، فإنّ العلّة فيه كونه مانعا من الإعظام الواجب ، فالشارع في آية الجمعة أنشأ كلاما لبيان أمر مقصود ، وهو بيان أحكام الجمعة وذكر في أثنائه شيئا آخر لو لم يقدر كونه علّة لذلك الحكم المطلوب لم يكن له تعلّق بالكلام ، كالنهي عن البيع لو لم يعتقد كون البيع علّة للمنع عن السعي الواجب لم يكن مرتبطا بأحكام الجمعة وما سبق له الكلام لا تعلّق به.
__________________
(١) راجع المحصول : ٢ / ٣١٨ ؛ الإحكام : ٣ / ٢٨٥.
(٢) الجمعة : ٩.