وينقسم مستنبط العلّة إلى قسمين :
تارة يصل الفقيه إلى حدّ القطع بأنّ ما استخرجه علّة الحكم ومناطه ، وأخرى لا يصل إلّا إلى حدّ الظن بكونه كذلك.
وقلّما يتّفق لأحد أن يقطع بأنّ ما وصل إليه من العلّة هو علّة التشريع ومناطه واقعا ، وانّه ليس فيه ضمائم أخرى لها مدخلية في الحكم ، وراء ما أدرك.
وسيوافيك أنّ القياس في منصوص العلّة خارج عن محط النزاع ، إذ ليس هو من باب ضم الفرع إلى الأصل ، أو استخراج حكم الفرع من حكم الأصل بجهة جامعة بينهما ، بل هو عمل بالنصّ في كلا الموردين ، دون أن يتشكل هناك فرع وأصل.
٦. الفرق بين علّة الحكم وحكمته
التفريق بين العلّة والحكمة هو أحد الأمور الّتي يجب على الفقيه أن يميّز بينها. والفرق بينهما كالتالي :
أ. لو كان الحكم دائرا مدار شيء وجودا وعدما فهو علّة الحكم ومناطه ، كالإسكار بالنسبة إلى الخمر ، ولذلك لو انقلب الخمر خلا لحلّ شربه.
فإن قلت : اتّفق الفقهاء على أنّ ما يسكر كثيره فقليله أيضا حرام. وعلى هذا فالقليل من الخمر ـ كالقطرة ـ حرام ، ولكنّه ليس بمسكر ، فصار الحكم أعمّ من العلّة.