واحتجّ المجوّزون بأنّ ظن استناد الحكم في مورد النص إلى الحكمة وحصول تلك الحكمة في صورة أخرى توجب ظن حصول الحكم في تلك الصورة والعمل بالظن واجب.
والحكمة أيضا علّة لعلّيّة العلّة فأولى أن تكون علّة.
بيان الأولى أنّ الوصف إنّما يؤثر في الحكم إذا اشتمل على جلب نفع ، أو دفع ضرر ، وكونه علة معلل بهذه الحكمة ؛ فإن لم يمكن العلم بتلك الحكمة المخصوصة ، استحال معرفة كون الوصف علّة باعتباره. وإن أمكن وهو مؤثر في الحكم والوصف غير مؤثر كان إسناد الحكم إلى الحكمة المعلومة المؤثرة أولى من إسناده إلى الوصف الّذي ليس بمؤثر.
البحث الثامن : في التعليل بالعدم
الحكم إن كان عدميا جاز تعليله بالعدمي ؛ وإن كان ثبوتيا قيل لا يجوز تعليله بالوصف العدمي ، وقيل بالجواز.
احتج الأوّلون بوجوه (١) :
الأوّل : العلّية صفة ثبوتية لأنّها نقيض اللّاعلّية المحمولة على العدم فتكون عدمية ؛ وإذا كان اللاعلّية عدمية فالعلية ثبوتية ، لاستحالة اتّصاف النقيضين بالعدم ؛ وإذا كانت العلّية ثبوتية استحال وصف العدم بها ، لامتناع قيام الصفة الوجودية بالمحل المعدوم وإلّا لزم الشك في وجود الأجسام ،
__________________
(١) ذكرها الرازي مع الأجوبة عنها في المحصول : ٢ / ٣٩٣ ـ ٣٩٦.