المناسبة ومن غيره لا يقدح لإمكان اشتمال الوصف على جهتين ، ككون المحل المشتهى فإنّه يناسب الإباحة لإراحة الخاطر والتحريم لقطع أطماع النفس.
الاعتراض الرابع : منع حكم الأصل
ولمّا كان منع حكم الأصل من قبيل النظر في تفاصيل القياس تأخّر عمّا قبله من الأسئلة ، لكونها نظرا في القياس من جهة الجملة لا التفصيل. والنظر في الجملة مقدّم على النظر في التفصيل.
كقول الشافعي في إزالة النجاسة بالخل : مائع لا يرفع الحدث ، فلا يزيل حكم النجاسة كالدهن. فيقول الحنفي : أمنع الحكم في الأصل ، فإنّ الدهن عندي مزيل لحكم النجاسة.
وقد اختلف الفقهاء (١) في انقطاع المستدلّ إذا توجّه منع حكم الأصل عليه.
فقال قوم : إنّه يكون منقطعا ، لأنّه أنشأ الكلام للدلالة على حكم الفرع لا على حكم الأصل ؛ فاذا منع حكم الأصل ، فإن لم يشرع في الدلالة عليه لم يتمّ مطلوبه ، وهو انقطاع.
وإن شرع فقد ترك ما هو بصدده وعدل عمّا أنشأه من الدليل على حكم الفرع إلى الدلالة على حكم الأصل ، وهذا معنى الانقطاع.
__________________
(١) ذكر الأقوال الآمدي في الإحكام : ٤ / ٧٩ ـ ٨٠.