الاعتراض الثاني عشر : المعارضة في الأصل بأمر آخر غير ما علّل به المستدلّ
وحاصله راجع إلى إبداء وصف في الأصل وراء ما ذكره المستدلّ يصلح أن يكون علّة ، كمعارضة من علّل تحريم ربا الفضل في البر بالطعم بالكيل أو القوت ؛ أو أن يكون جزءا من العلّة ، كمعارضة من علّل وجوب القصاص في القتل بالمثقل بالقتل العمد العدوان بالجارح في الأصل ونحوه.
وقد اختلف الجدليون فيه : فقبله قوم ، ومنعه آخرون.
واحتج المانعون (١) بأنّا لو قدرنا انفراد ما ذكره المستدلّ كان علّة ، وليس ذلك إلّا لصلاحية التعليل لا لعدم المعارض ؛ فإنّ العدم لا يكون علّة ، ولا جزءا منها ، فإذا وجد المعارض فالصلاحية باقية بحالها لم ينجزم (٢) ، فالتعليل به بعد وجود المعارض أيضا شائع ، أقصى ما في الباب أنّه قد وجد أمر آخر صالح للتعليل ، ولا امتناع من ازدحام علّتين على حكم واحد. ولأنّه لا معنى للعلّة إلّا ما ثبت الحكم عقيبها ، وهذا المعنى موجود في الوصفين فكان كلّ منهما علّة.
واحتجّ من قبله بأنّه متى ظهر في الأصل ما يصلح للتعليل وراء ما
__________________
(١) راجع الإحكام : ٤ / ٩٧ ، الاعتراض الخامس عشر.
(٢) في «أ» : تنخرم.