الاعتراض السادس عشر : اختلاف ضابط الحكمة في الأصل والفرع مع اتحاد الحكمة
كما في مسألة شهود القصاص تسبّب بالشهادة إلى القتل فوجب عليهم القصاص زجرا لهم عن التسبّب ، قياسا على المكره فإنّه يجب عليه القصاص لتسببه في القتل بالإكراه.
فيقول المعترض : الضابط في الفرع الشهادة ، وفي الأصل الإكراه ، والمقصود فيهما وإن كان واحدا ـ وهو الزجر ـ فلا يمكن تعدية الحكم به ، لأنّ الضابط في الأصل غير موجود في الفرع ، والضابط في الفرع يحتمل قصوره عن ضابط الأصل في الإفضاء إلى المقصود.
والجواب عنه : أنّ الجامع ما اشتركا فيه من التسبب المنضبط عرفا ، أو تبيين المساواة بين ضابط الفرع وضابط الأصل في الإفضاء إلى المقصود ، لأنّ احتمال التساوي أرجح وان اقتضاءه أكثر من اقتضاء ضابط الأصل. كما لو كان أصل هذا القياس المغري للحيوان بأن يقال في المسألة تسبّبوا إلى القتل عمدا عدوانا فوجب القصاص زجرا لهم عن التسبّب ، قياسا على وجوب القصاص على المغري للحيوان على الآدمي بأنّ إفضاء الضابط إلى المقصود في الفرع أرجح من إفضاء ضابط الأصل إليه ، من حيث إنّ انبعاث الولي للتشفّي والانتقام في الفرع أغلب من انبعاث الحيوان بالإغراء بسبب نفرته من الآدمي وعدم علمه بجواز القتل وعدمه.