والصلاة والحج والعمرة والطواف لا يدلّ على أنّه كان متعبّدا به شرعا ، لاحتمال أن يكون ذلك بطريق التبرّك بفعل مثل ما نقل إجمالا عن الأنبياء ، واندرس تفصيله. ولو فعله من غير شرع لم يكن حراما ، على أنّ بعض علماء الإمامية ذهب إلى أنّه كان متعبّدا بما يلهمه الله تعالى إيّاه ، فجاز أن يكون من هذا القبيل.
إذا ثبت هذا ، فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل البعثة لم يكن على ما كان قومه عليه ، بل كان متجنّبا لأصنامهم ، معرضا عن أزلامهم ، ولا يأكل من ذبائحهم على النصب. هذا هو مذهب الإمامية ، لما تقدّم من وجوب العصمة قبل النبوة وبعدها.
البحث الثاني : في جواز تعبّد نبي بمثل شريعة نبي تقدّمه
اعلم أنّ البحث في ذلك متعلّق بعلم الكلام ، لكنّا ذكرناه هنا مختصرا لتوقّف البحث الآتي عليه ، وهو أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد البعث هل كان متعبّدا بشرع من تقدّمه أم لا؟ لابتنائه عليه ، إذ لو لم يجز تعبّد نبي بشرع من تقدّمه ، سقط هذا البحث.
وقد قيل : إنّ ذلك يجوز بأحد الشرطين : إمّا بأن تندرس الأولى فيجدّدها الثاني ، أو بأن يزيد فيها ما لم يكن منها. ويمنعون من جواز ذلك على غير أحد هذين الشرطين ، وإلّا كان عبثا ، فلا يجب النظر في معجزته مع أنّ النظر في المعجزات واجب.