الدليل عدم المدلول ، فلعلّه ثبت حق أزيد من أقل ، ومع هذا الاحتمال لا يثبت الخروج عن العهدة إلّا بأداء الأكثر.
لأنّا نقول : لمّا لم يوجد سوى الإجماع ، والإجماع دالّ على الأقل خاصة كان إثبات الزائد بغير دليل وهو تكليف ما لا يطاق ، ولأنّه تعالى تعبّدنا بالعمل بالبراءة الأصلية مع عدم وجدان دليل سمعي ، وحيث لم يوجد دليل سمعي على الزيادة ، علمنا أنّ الله تعالى تعبّدنا بالبراءة ، فتحصل القطع بعدم وجوب الزائد.
البحث الخامس : في الاستدلال بعدم الوجدان على عدم الوجود
هذه طريقة عول عليها بعض الفقهاء. وتقريره : أنّ الحكم الشرعي لا بدّ له من دليل ، وهو إمّا نصّ أو إجماع أو قياس ، ولم يوجد واحد من هذه الثلاثة فلا يكون الحكم ثابتا.
أمّا وجوب الدليل ، فلأنّ الله تعالى لو أمرنا بشيء ولم يضع عليه دليلا ، كان ذلك تكليف ما لا يطاق.
وأمّا انحصار الدليل فلوجوه (١) :
الأوّل : قصة معاذ الدالّة على انحصار الدليل في الكتاب والسنّة والاجتهاد ، زدنا الإجماع بدليل منفصل ، فيبقى في الباقي على الأصل.
الثاني : دلائل الأحكام كانت معدومة أزلا والأصل في كلّ ثابت بقاؤه
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٨٢.