وكونه في مقام إرشاد المخاطب إلى حكم الله وإقناعه بالمثال؟ وهذا المورد وما تقدّم من قبيل الثاني دون الأوّل.
٤. حديث الأعرابي
روى البخاري عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءه أعرابيّ فقال : يا رسول الله إنّ امرأتي ولدت غلاما أسود (وإني أنكرته) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هل لك من إبل؟» قال : نعم ، قال : «ما ألوانها؟» قال : حمر ، قال : «هل فيها من أورق (١)»؟ قال : نعم ، قال : «فأنّى كان ذلك؟» ، قال : أراه عرق نزع ، قال : «فلعلّ ابنك هذا عرق نزعه (٢)». (٣)
يلاحظ عليه : أوّلا : أنّ الأصل المقرر في الشرع هو أنّ الولد للفراش ، ولمّا كان الأعرابي بصدد نفي الولد بحجة عدم التوافق في اللون حاول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبطل حجته بأنّ عدم التوافق لا يكون دليلا على عدم ولادته منه ، وذلك لأنّه يوجد نظير ذلك في الحيوانات ، فربّما تلد الإبل الحمر ولدا أورق يغاير لونه لون والديه. وأين هذا من القياس؟
وإن شئت قلت : الحديث بصدد رفع استبعاده وإقناعه وإزالة شكّه ببيان انّ هذه القاعدة (لزوم التوافق في اللون) ليست ضابطة كلية ، بل ربّما تنتقض كما في الأورق من الإبل.
__________________
(١) الأورق : الإبل الأسود غير الحالك ، أي الّذي يميل إلى الغبرة.
(٢) نزع : أي رجع إليه.
(٣) صحيح البخاري : ٨ / ١٧٣ ، كتاب الحدود.