جهلا بها ، أم استهانة بها؟ ربّما كان بعض هذا ، أو كلّه من بعضهم ، وفي الحقيقة إنّما تطوّر البحث عن الاجتهاد بالرأي في تنويعه وخصائصه في القرن الثاني والثالث. (١)
ومع تعدّد أسباب العمل بالرأي وبعضها لا يمتّ إلى الشريعة بصلة ، وتصريح بعض الصحابة بإنكار الرأي والقياس (كما يأتي) ، كيف يمكن ادّعاء الإجماع على العمل بالقياس؟
الاستدلال بالإجماع ببيان آخر
ثمّ إنّ الرازي استدلّ بإجماع يعتمد على مقدّمات ثلاث :
المقدّمة الأولى : إنّ بعض الصحابة ذهب إلى العمل بالقياس والقول به.
المقدّمة الثانية : إنّه لم يوجد من أحدهم إنكار أصل القياس ، فلأنّ القياس أصل عظيم في الشرع نفيا أو إثباتا ، فلو أنكر بعضهم لكان ذلك الإنكار أولى بالنقل من اختلافهم ، ولو نقل لاشتهر ، ولوصل إلينا ، فلمّا لم يصل إلينا علمنا أنّه لم يوجد.
المقدّمة الثالثة : إنّه لمّا قال بالقياس بعضهم ولم ينكره أحد منهم فقد انعقد الإجماع على صحّته. (٢)
__________________
(١) أصول الفقه : ٢ / ١٧٢.
(٢) المحصول : ٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٩. وقد صرح في ص ٢٩٢ : أنّ مذهب أهل البيت إنكار القياس.