الآخر فلا يلزم ذلك ، لجواز أن يكون في غلبة الظن هنا وفاء برجحان اليقين هناك وزيادة. إذا ثبت هذا فنقول الترجيح يقع من وجوه (١) :
الأوّل : الوصف الحقيقي أولى في التعليل به من باقي الأوصاف ، للإجماع عليه بين القائسين ، والخلاف في البواقي.
الثاني : التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالوصف العدمي ، لأنّ العلم بالعدم لا يدعو إلى شرع ذلك الحكم إلّا إذا حصل العلم باشتمال ذلك العدم على نوع مصلحة ، وحينئذ يبقى الداعي إلى شرع الحكم في الحقيقة إنّما هو تلك المصلحة لا العدم ، فيكون التعليل بها أولى من التعليل بالعدم.
لا يقال : يلزم ذلك في الوصف الثبوتي.
لأنّا نقول : قد كان الواجب ذلك ، إلّا أنّ الوصف الثبوتي لمّا كان أدخل في الضبط من الحاجة وأبعد من الاضطراب بخلاف المصلحة رجع إليه في التعليل دون المصلحة ، وأمّا العدم المحض فإنّه غير منضبط ولا يتقيد إلّا بالإضافة إلى الوجود ، وإذا لم يكن منضبطا لم يكن صالحا للتعليل.
الثالث : التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالوصف الإضافي ، لأنّ الإضافات ليست ثبوتية ، بل هي أمور عدمية ، وقد سبق رجحان التعليل بالحكمة على التعليل بالعدمي.
الرابع : التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالوصف التقديري والحكم
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٧١ ـ ٤٧٣.