فرضه ممكنا بالذات وهو خلاف الفرض. وأيضا يلزم انقلاب ذاته من الإمكان الذاتي إلى الوجوب ، أي وجوب الوجود أو إلى الامتناع ، أي امتناع العدم ، وكلاهما باطلان.
وبالجملة الأبديّة الذاتيّة تنافي الإمكان الذاتي ، وما اشتهر بينهم من أنّ ما ثبت قدمه امتنع عدمه ، راجع إلى الامتناع الغيري ، لا الذاتي ، كما سنبيّنه.
وكذلك ما ادّعاه الشارح القوشجي : من أنّ الممكن يجوز أن يمتنع فناؤه ـ إلى آخره.
ومقصوده أنّ عدمه المطلق لعلّه كان ممكنا ، وأمّا عدمه بعد وجوده فلعلّه كان ممتنعا ، وامتناع هذا العدم الخاصّ ، لا يستلزم امتناع العدم العامّ ، أي عدم المطلق.
ولا يلزم الانقلاب من الإمكان إلى الامتناع أيضا لكون ذلك المعنى العامّ باقيا بعد ، ثابتا له بحسب الذات ، فذلك أيضا راجع إلى الامتناع الغيري لا الذاتي ، لأنّه يرجع إلى أنّ خصوصيّة ذلك العدم الخاصّ ممتنعة ، والمانع من إمكانه هو نفس ذلك الخاصّ الذي هو غير ذات الممكن ، لا العدم العامّ ولا ذات الممكن. وعسى أن نأتي على تحقيق هذا المقام في موضع يليق به إن شاء الله تعالى.
وممّا ذكرنا يظهر وجه صحّة ما أسنده الفاضل الأحساوي إلى عامّة المسلمين من القول بجواز عدم العالم بالنظر إلى ذاته ، سواء كان مرادهم بالعدم السابق على وجوده ، أو عدمه الطارئ عليه.
وكذا يظهر وجه فساد ما أسنده إلى طائفة من الفلاسفة من القول بمنع جواز عدم العالم بناء على وجوب وجوده لذاته ، وإن كان هذا المذهب من الفساد بمرتبة لا يحتاج إلى بيان فساده ، لكونه مخالفا لمقتضى العقول ومنافيا لجميع الشرائع كما ذكره رحمهالله.
وكذا يظهر أنّ ما أسنده إلى طائفة من الفلاسفة من القول بمنع جواز عدم العالم لا باعتبار ذاته ، لأنّه عندهم ليس بواجب الوجود لذاته ، نعم منعوه من حيث وجوب وجوده بغيره ، له وجه صحّة في الجملة ، إلّا أنّ في هذا المقام تفصيلا وتحقيقا.
تفصيل وتحقيق
لأنّ الكلام فيه إمّا في جميع أجزاء العالم ، وفي كلّ جزء جزء منه ، بحيث لا يشذّ جزء ، أو في بعض أجزائه على الإجمال ، أو في بعض أجزائه على الخصوص ، وعلى التقادير