في بيان الدليل السمعي على بقاء النفس الإنسانيّة بعد خراب البدن
فلنشر إلى نبذ من الدليل الشرعي والعقلي على ذلك :
فنقول : أمّا دلالة الكتاب عليه فلقوله تعالى :
(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). (١)
إذ لا سترة في أنّ تلك الحياة والمرزوقيّة والفرح والاستبشار ، إنّما هي بحسب نفوسهم الباقية ، لا بحسب أبدانهم الداثرة الهالكة ، وحيث لم يقيّد ذلك بوقت دون وقت فيعلم منه أنّه حاصل لهم في جميع الأوقات بعد القتل في سبيل الله ، فيلزم منه بقاء نفوسهم بعد خراب أبدانهم أبدا وهو المطلوب.
وقوله تعالى في حال مؤمن آل يس : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ، بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ). (٢)
على ما قال المفسّرون ، إنّ قومه قتلوه فأدخله الله الجنّة وهو حيّ فيها يرزق.
وأمّا دلالة السنّة ، فلما رواه الشيخ الصدوق ابن بابويه (عليه الرحمة) في الفقيه عن الصادق عليهالسلام ، انّه قال : إذا قبضت الروح فهي مظلّة فوق الجسد روح المؤمن وغيره ينظر إلى كلّ شيء يصنع به فإذا كفّن ووضع على السرير وحمل على أعناق الرجال عادت الروح إليه ، ودخلت فيه فيمدّ له في بصره فينظر إلى موضعه من الجنّة ، أو من النار فينادي بأعلى صوته إن كان من أهل الجنّة : عجّلوني ، عجّلوني ، وإن كان من أهل النار : ردّوني ،
__________________
(١) آل عمران : ١٦٩.
(٢) يس : ٢٦ ـ ٢٧.