فيما ذكره في الإشارات في ذلك
حيث أبطل فساد النفس بفساد البدن وكذا فسادها في نفسها بناء على مغايرتها للبدن وأجزائه وعلى تجرّدها عن المادّة وبساطتها ، قال : «ولمّا كانت النفس الناطقة التي هي موضوع ما للصور العقلية غير منطبعة في جسم تقوم به ، بل انّما هي ذات آلة بالجسم ، فاستحالة الجسم عن أن يكون آلة لها ، وحافظا للعلاقة معها بالموت لا يضرّ جوهرها ، بل يكون باقيا بما هو مستفيد الوجود من الجواهر الباقية». ثم بيّن أنّ النفس الناطقة تعقل بذاتها من غير آلة. ثم قال : «تكملة لهذه الإشارات ، فاعلم من هذا أنّ الجوهر العاقل مناله أن يعقل بذاته ولأنّه أصل فلن يكون مركّبا من قوّة قابلة للفساد مقارنة لقوة الثبات ، فإن أخذت لا على أنّها أصل ، بل كالمركّب من شيء كالهيولى وشيء كالصورة ، عمدنا بالكلام نحو الأصل من جزأيه والأعراض وجوداتها في موضوعاتها فقوّة فسادها وحدوثها هي في موضوعاتها فلم يجتمع فيها تركيب ، وإذا كان كذلك لم يكن أمثال هذه في أنفسها قابلة للفساد بعد وجوبها بعللها وثباتها بها. ـ انتهى.» (١)
__________________
(١) شرح الإشارات ٣ : ٢٦٥ ـ ٢٨٥.