والجواب : إنّ هذه مغالطة باشتراك الاسم ، فانّ المادة والصورة تقعان على ما ذكره وعلى جزأي الجسم بالتشابه ، وإلّا فجميع أنواع الأعراض أيضا مركّبة من مادّة وصورة.
ثم قال : الفساد والحدوث متساويان في احتياجهما إلى إمكان يسبقهما ، وإلى محلّ لذلك الإمكان أوفي استغنائهما عن ذلك ، فإن استغنى إمكان الحدوث عن المحلّ مع وقوع الحدوث ، فليستغن إمكان الفساد أيضا عنه مع وقوع الفساد ، وإن افتقر الإمكان إلى محلّ هو البدن ، فليكن البدن أيضا محلّا لإمكان الفساد ، وبالجملة يجوز أن يكون البدن شرطا لوجود النفس ، ويلزم انعدام المشروط عند فقدان الشرط.
والجواب : أنّ كون الشيء محلّا لإمكان وجود ما هو مباين القوام له أو لإمكان فساده غير معقول. فإنّ معنى كون الجسم محلّا لإمكان وجود السواد هو تهيّؤه لوجود السواد فيه ، حتى يكون حال وجود السواد مقترنا به ، وكذلك في إمكان الفساد ، ولذلك امتنع كون الشيء محلّا لإمكان فساد ذاته ، فالبدن ليس بمحلّ لإمكان حدوث النفس من حيث هو مباين لها ، ولا لإمكان فسادها أيضا بل انّما كان مع هيئة مخصوصة موجودة قبل حدوث النفس محلّا لإمكان وتهيّؤ لحدوث صورة إنسانيّة تقارنه وتقوّمه نوعا محصّلا.
ولم يكن وجود تلك الصورة ممكنا إلّا مع ما هو مبدؤها القريب بالذات ، أعني النفس فحدث بحسب استعداده وتهيّؤه ذلك مبدأ الصور المقارنة المقوّمة إيّاه على وجه كان ذلك المبدأ مرتبطا به هذا النوع من الارتباط وزال بذلك الحدوث ذلك الإمكان والتهيّؤ عن البدن ، إذ زال عنه ما كان البدن معه محلّا لإمكان حدوث النفس أعني الهيئة المخصوصة فبقي البدن محلّا لإمكان فساد الصورة المقارنة به وزوال ذلك الارتباط عنه فقط ، وامتنع أن يكون محلّا لفساد ذلك المبدأ من حيث هو ذات مباين عنه ، فإذن البدن مع هيئة مخصوصة شرط في حدوث النفس من حيث هي صورة أو مبدأ صورة لا من حيث هي موجودة مجرّدة وليس بشرط في وجودها.
والشيء إذا حدث فلا يفسد بفساد ما هو شرط في حدوثه ، كالبيت فانّه يبقى بعد موت البنّاء الذي كان شرطا في حدوثه.
فان قيل : لم أوجب استيجاب البدن لحدوث صورة ما حدوث مبدأ لتلك الصورة ، ولم يوجب استيجابه لفساد تلك الصورة فساد مبدأ ذلك ، وما الفرق بين الأمرين؟