في ذكر ما ذكره صدر الأفاضل في هذا المطلب
وحيث عرفت ذلك فاعلم : أنّه قد ذكر صدر الأفاضل في بعض رسائله : (١) انّ المحقّق الطوسي (نوّر الله تعالى عقله الشريف) ، كتب إلى بعض معاصريه من الأفاضل وهو العلّامة النحرير شمس الدين الخسروشاهي شاهي ، رسالة وسأله فيها عن ثلاث مسائل ، طلب منه الكشف عن وجوه إعضالها ، فلم يأت ذلك البعض العلّامة بجواب.
ومن جملة تلك المسائل الثلاث ، هذه المسألة بهذه العبارة : ما بال القائلين بأنّ ما لا حامل لإمكان وجوده وعدمه ، فإنّه لا يمكن أن يوجد بعد العدم أو يعدم بعد الوجود ، حكموا بوجود النفس الإنسانيّة وامتنعوا عن تجويز فنائها ، فإن جعلوا حامل إمكان وجودها البدن فهلّا جعلوه حامل إمكان عدمها أيضا ، وإن جعلوها لأجل تجرّدها عمّا تحلّ فيه عادم حامل لإمكان العدم كيلا يجوز عدمها بعد الوجود ، فهلا جعلوها لأجل ذلك بعينه عادم حامل لإمكان الوجود ، فيمتنع وجودها بعد العدم في الأصل ، وكيف ساغ لهم أن جعلوا جسما مادّيا حاملا لإمكان جوهر مفارق مباين الذات إيّاه ، فإن جعلوها من حيث كونها مبدأ لصورة نوعية لذلك الجسم ذات حامل لإمكان الوجود ، فهلّا جعلوها من تلك الحيثية ذات حامل لإمكان العدم ، وبالجملة ما الفرق بين الأمرين مع تساوي النسبتين؟ ـ انتهى.
ثم أجاب صدر الأفاضل نفسه عن هذا السؤال بهذه العبارة : أمّا الجواب عن المسألة الثالثة فنقول:
إنّ البدن الإنساني استدعى باستعداده الخاصّ من واهب الصور على القوابل ، صورة
__________________
(١) طبعت هذه الرسالة في هامش المبدأ والمعاد : ٣٧٢ ـ ٣٩١ ؛ فراجع.