في امور ينبغي التنبيه عليها هنا : [الأمر الأوّل]
منها أنّه قال : في قول الشيخ «ولأنّ المزاج واقع فيه بين أضداد متنازعة إلى آخره» بهذه العبارة :
وهذا استدلال بوجود المزاج نفسه وبقائه على وجود النفس ، وهو أنّ المزاج كما مرّ إنّما يحدث بين اسطقسات متضادّة متنازعة إلى الانفكاك لاختلاف ميولها وإلى امكنتها ، فهو محتاج أوّلا إلى شيء يجمعها بالقسر حتّى تمتزج وتلتئم بعد الاجتماع ، ثمّ تتفاعل ، فيحدث بعد ذلك المزاج ، وإلى شيء يحفظ الاسطقسات بالقسر مجتمعة ليبقى المزاج موجودا ، وإلّا تفرّقت بحسب طبائعها فانعدم المزاج ، فالمزاج المستمرّ الوجود محتاج إلى جامع وحافظ ، أحدهما سبب وجوده والثاني سبب بقائه ، وهما متقدّمان على الالتيام المتقدّم على المزاج ، وهذا هو المراد من قوله : «وكيف وعلّة الالتيام وحافظه قبل الالتيام فكيف لا يكون قبل ما بعده» أي وكيف وعلّة الالتيام وحافظه تكون ما قبل الالتيام المستمرّ الوجود ، فكيف لا يكونان قبل المزاج الباقي الذي هو بعد الالتيام ، وهذا الالتيام يتداعى إلى الانفكاك عند لحوق الجامع أو الحافظ وهن بالأمراض المنهكة أو عدم بالموت لارتفاع المعلول عند ارتفاع العلّة. وهذا استدلال مؤكّد للذي قبله باعتبار المشاهدة ، فإذن هناك شيء هو الجامع والحافظ للمزاج وهو الشيء الذي صار المركّب به إنسانا. ـ انتهى. (١)
فيستفاد ممّا ذكره أنّ ذلك الجامع كما أنّه جامع بالقسر لذوات تلك الاسطقسات ، كذلك هو جامع كذلك للمزاج الذي هو يحدث بعد اجتماعها وتفاعلها ، وكذلك ذلك
__________________
(١) شرح الإشارات ٢ : ٣٠١ ـ ٣٠٢.