من القوّة إلى الفعل مرتبة فمرتبة وكان الاحتياج أقلّ فأقلّ ، ولا سيّما إذا استولت المغيّرات على البدن ضعف الجمع والحفظ مرتبة فمرتبة ، إلى أن انتهى الأمر إلى مرتبة يزول فيها الاحتياج بالمرّة ، وينعدم العلاقة ويزول الحفظ ، فيتداعى الالتيام المحفوظ ، وكذا الاجزاء الملتئمة إلى الانفكاك فينعدم المزاج ويفسد البدن بفساده ، وعلى هذا أيضا فيحصل الجمع بين كلاميه أيضا وكأنّه ألصق بكلامه الذي نقلنا عنه في حفظ النفس للمزاج والله تعالى أعلم.
في ترميم بعض ما ذكره الشيخ في الكتابين من الدليل على بقاء النفس
ثمّ اعلم أنّ ما ذكره الشيخ في الشفاء في الدليل على أنّه لا يجوز أن يكون سبب من الأسباب يعدم النفس ، حيث ذكر أن كلّ شيء موجود من شأنه أن يفسد بسبب يجب أن يكون فيه قوّة أن يفسد ، وقبل الفساد فيه فعل أن يبقى ، وقوّة الفساد وفعليّة البقاء متغايرتان ، فإذن هما لأمرين مختلفين. ثمّ ذكر أنّ كلّ شيء يبقى وله قوّة الفساد ، فله أيضا قوّة أن يبقى ، لأنّ بقاءه ليس بواجب ضروري ، واذا لم يكن واجبا كان ممكنا ، والإمكان الذي يتناول الطرفين ، هو طبيعة القوّة ، فإذن يكون في جوهره قوّة أن يبقى ، وأنّ فعليّة البقاء وقوّة البقاء أيضا متغايرتان ، وهما لأمرين مختلفين. فيلزم أن يكون ذاته مركّبة من أمرين بأحدهما فعليّة بقائها وهو الصورة ، وبالآخر قوّة بقائها واضح كما ذكره ، وإنّما لم يكتف بالمقدّمة الاولى في بيان الدليل ولم يقل إنّ قوّة الفساد وفعليّة البقاء متغايرتان فإذن هما لأمرين مختلفين ، فيلزم التركيب ، وبعبارة اخرى أنّ موضوع قوّة الفساد غير موضوع فعليّة البقاء وأنّه لا يمكن عروضهما لشيء واحد لأنّ محلّ قوّة الفساد ، هو بعينه موصوف بالفساد ولا شيء من محل البقاء بالفعل هو بعينه موصوفا بالفساد. لأنّ الباقي لو قبل الفساد والقابل يجتمع مع المقبول للزم اجتماع الباقي مع الفساد وهو محال. والحاصل أنّ الباقي لا يبقى مع الفساد والموصوف بالفساد يبقى مع الفساد ، فلا يكون الباقي موصوفا بالفساد ، فلا يثبت له قوّة الفساد ، لأنّه إذا قرّر الدليل هكذا ، ورد عليه النظر كما أورده صاحب المحاكمات بأنّا لا نسلّم أنّ الباقي لو قبل الفساد ، لاجتمع معه ، فإنّ معنى قبول الشيء العدم أو الفساد ليس أنّ ذلك الشيء يتحقّق ويحلّ فيه الفساد ، بل معناه