مطلقا ، أو محلّ لها أو حالّ فيها ، وأنّه لا يقدح في ذلك كونها محلّا للصور العقليّة ، سواء عددناها من جملة الصور أو من جملة الأعراض ، لأنّها ليست ممّا بها قيام النفس بالذات أو تعقّلها بذاتها ، لأنّها قد تزول ، ومع ذلك يبقى محلّها وهو النفس موجودة بذاتها ، عاقلة لذاتها ، فلزم من ذلك بساطتها بساطة حقيقيّة ، تنافي كونها مركّبة بوجه ، وكذا كونها قائمة في المركّب ، وكذا لزم منه أصالتها في الوجود والتعقّل أصالة مطلقة وإن كانت البساطة أعمّ مطلقا من الأصالة في الوجود والتعقّل ، لأنّ كلّ أصل يلزمه أن يكون بسيطا من غير عكس كلّي ، إذ قد يكون الشيء بسيطا ولا يكون أصلا في ذلك ، كبعض الأعراض البسيطة وكالهيولى ، فلذلك أثبت الشيخ بساطة النفس أوّلا ثمّ أثبت أصالتها فيهما ثانيا حتّى يخرج من ذلك البسائط التي ليست أصلا.
ثمّ إنّه حيث أثبت ما ذكرنا أطلق على النفس ، أنّها بسيطة وأنها أصل وسنخ بمعنى أنّها أصل وسنخ في الوجود والقيام بالذات والتعقّل لذاتها لا مدخل لشيء غيرها سوى الفاعل المفيض إيّاها في ذلك ، سواء كان ذلك الشيء جزؤها مطلقا ، أو حالّا فيها أو محلّا لها ، وأنّها كما أنّ لها أصالة في ذلك ، بالنظر إلى ذاتها كذلك لها أصالة حين فرض التركيب مع غيرها ، إذا أخذت على أنّها مركّبة مع شيء آخر ، لوحظ ذلك الشيء معها في ذلك التركيب ، فإنّ أخذ ذلك الشيء معها حين التركيب ، لا يقدح في بساطتها وأصالتها بالمعنى المذكور ، بل لا يكون ذلك التركيب ، إلّا مجرّد اجتماع ، فإنّ ذات ما هو بسيط حقيقي بحسب ذاته لا ينقلب ، إذا اخذ مركّبا ومجتمعا مع غيره إلى كونه مركّبا حقيقيّا ، وكذلك ذات ما هو أصل في الوجود والقيام والتعقّل لذاته ، إذا اخذ مركّبا كذلك لا ينقلب إلى كونه جزءا للمركّب حالّا أو محلّا ، وبالجملة إلى كونه غير أصل في ذلك ، بحيث يحتاج كلّ من جزئيه إلى الآخر ، فلا يكون ذلك التركيب المأخوذ إلّا اعتباريّا ومجرّد اجتماع ، ولا يقدح ذلك في بساطتها الحقيقيّة الذاتيّة ، ولا في أصالتها المطلقة.
كلام مع المحقّق الطوسي رحمهالله
وحينئذ فما ذكره المحقّق الطوسي من «أنّ الشيخ يريد بالأصل كلّ بسيط غير حالّ في شيء من شأنه أن يوجد فيه أعراض وصور ، وأن يزول عنه تلك الأعراض والصور وهو