كالمركّب من شيء كالهيولى وشيء كالصورة» إلى أنّ النفس على هذا الأخذ لا تكون مركّبة بحسب ذاتها ، إذ ذاك غير محتمل ، بل تكون كالمركّب أي المأخوذ مجتمعا مع غيرها ، بحيث لا يكون ذلك المجتمع مركّبا حقيقيّا ، بل بمحض الاعتبار وملاحظة الاجتماع ، وإلى أنّ هذين الجزءين من هذا المجتمع ، لا يحتمل كونهما هيولى وصورة ، بل كالهيولى وكالصورة ، حيث إنّ أحد الجزءين الذي هو النفس يمكن أن تعتبر في هذا الاجتماع الذي هو كالتركيب كالهيولى لمناسبتها للنفس في البساطة وعدم قبول الفساد وفي الأصالة في المركّب من بعض الوجوه ، وإن لم تكن أصلا بالمعنى المتقدّم المقصود هنا ، وإن لم يمكن اعتبارها صورة أو كالصورة ، إذ لا مناسبة لها بالنفس من وجه ، بل المأخوذ كالصورة ينبغي أن يكون هو الجزء الآخر من المأخوذ كالمركّب أي المجتمع كما عرفت بيانه فيما تقدّم.
وأشار بقوله : «عمدنا بالكلام نحو الأصل من جزأيه» ، أي من جزئي هذا المجتمع من النفس ومن غيرها إلى أنّه إذا اخذت النفس كذلك تركنا المجتمع لعدم كونه نفسا ، إذ هو مجتمع من النفس ومن غيرها ، وكلامنا في النفس ، وتركنا أيضا الجزء الآخر منه الذي هو بمنزلة الصورة ، وليس بأصل مطلقا وعمدنا بالكلام نحو الأصل من جزئيه ، أي نحو النفس التي هي الأصل واعتبرناها كالهيولى والمادّة من هذا المجتمع.
فنقول : إنّ الجوهر الذي هو بمنزلة المادّة وهو الأصل والسنخ ، إمّا أن يؤخذ مركّبا هكذا إلى غير النهاية ، فننقل الكلام فيه هكذا إلى غير النهاية وهو محال ، وإمّا أن لا يبطل الجوهر الذي هو الأصل والسنخ أي النفس ، ولا يكون فيه قوّة فساد لبساطته في الذات ، ولأصالته في القيام والذات وهو المطلوب ، وحينئذ لا يلزم أن يكون النفس مادّة أو كالمادّة بحسب ذاتها ، لأنّ المادّة ومثلها إنّما قيامها بما يحلّ فيهما ، والنفس ليست كذلك ، بل إنّ قيامها إنّما هو بذاتها.
ثمّ قال : «والأعراض وجوداتها في موضوعاتها ، فقوّة فسادها وحدوثها هي في موضوعاتها ، فلم يجتمع فيها تركيب» (١) بيانا لوجه إمكان فساد الأعراض ودفعا للنقض بالأعراض البسيطة ، كما ذكره ، بل بالصور البسيطة أيضا كما ألحقها بها المحقّق
__________________
(١) شرح الإشارات ٣ : ٢٨٧.