في ذكر شبهة مشهورة موردة على أدلّة بقاء النفس بعد فساد البدن
وحيث انتهى الكلام إلى هذا المقام ، واندفع الإيرادات الموردة على كلام الشيخ في الكتابين في الدليلين ، ـ أي الدليل على عدم فساد النفس بفساد البدن والدليل على عدم فسادها مطلقا ـ وبقي اعتراض الثالث الذي ذكره الإمام هنا ـ أي على الدليل الثاني الذي ذكره الشيخ على عدم فساد النفس مطلقا ـ فلنتكلّم في تحرير ذلك الاعتراض ، وفي بيان دفعه ، حيث إنّ ذلك الاعتراض اعتراض قويّ أوردوه على كلا الدليلين اللذين ذكرهما الشيخ في الكتابين وقد أشرنا فيما سبق أنّه يرد ظاهرا على بعض من الدلائل الاخر غيرهما أيضا وقد عرفت أنّ صاحب المحاكمات ـ كما نقلنا كلامه ـ أورده على الدليل الأوّل الذي ذكره الشيخ في الإشارات ، أي الدليل على بقاء النفس وعدم إمكان فسادها بفساد البدن ، وأنّ الإمام الرازي ـ كما نقلنا كلامه ـ أورده على دليله الثاني ، ذكره فيه ، أي الدليل على بقائها وعدم إمكان فسادها مطلقا ، وتعلم أيضا أنّه لو كان واردا على دليلي الشيخ في الإشارات ، لكان واردا على دليليه في الشفاء أيضا ، إذ مآل ما في الكتابين واحد والاختلاف إنّما هو في العبارة ، وقد عرفت أيضا ممّا نقله صدر الأفاضل من كلام المحقّق الطوسي رحمهالله في رسالته إلى بعض معاصريه ، أنّه أورد هذا الاعتراض في هذا المقام مطلقا ، بحيث يمكن أن يورد على كلّ من الدليلين في الكتابين ، وسأل الجواب عنه ، إلّا أنّ الإمام الرازي في اعتراضه حيث قال : إنّ الحدوث والفساد متساويان في احتياجهما إلى إمكان يسبقهما وإلى محلّ لذلك الإمكان ، أو في استغنائهما عن ذلك ، وأنّه إن استغنى إمكان الحدوث عن المحلّ مع وقوع الحدوث ، فليستغن إمكان الفساد أيضا عنه مع وقوع الفساد ، وإن افتقر إمكان الحدوث إلى محلّ ، هو البدن ، فليكن البدن أيضا