محلّا لإمكان الفساد ، وبالجملة يجوز أن يكون البدن ، شرطا لوجود النفس ، ويلزم انعدام المشروط عند فقدان الشرط ، إن أراد بالشرط الأمر الذي له مدخل في الجملة في حدوث النفس ، وإن كان على سبيل العلّية القابليّة ، فيكون هو قد رام إيراد الاعتراض على كلام الشيخ من وجه واحد ، وهو احتمال أن يكون البدن علّة قابليّة ومحلّا لإمكان حدوث النفس وفسادها ، وحينئذ يكون قوله : وبالجملة ـ إلى آخره ـ من تتمة السابق ، أمّا لو أراد بالشرط معناه الاصطلاحي الذي هو أمر وجودي خارج عن حقيقة المشروط ، ويتوقّف وجود مشروطه عليه وينتفي بانتفائه ، فكأنّه رام إيراد الاعتراض على كلام الشيخ من وجهين :
الوجه الأوّل من جهة تجويز كون البدن محلّا لإمكان فساد النفس أي علّة قابليّة له وكأنّه إيراد على قول الشيخ في الدليل الثاني : «والأعراض وجوداتها في موضوعاتها فقوّة فسادها وحدوثها في موضوعاتها فلم يجتمع هناك تركيب».
وتحريره : أنّه كما جاز أن يكون قوّة حدوث الأعراض البسيطة وقوّة فسادها في موضوعاتها فتحدث هي فيها وتفسد هي عنها من غير لزوم تركيب في ذواتها ، فلم لا يجوز أن يكون قوّة حدوث النفس التي هي بسيطة في ذاتها ، وكذا قوّة فسادها في البدن الذي هي متعلّقة به ، فإنّ البدن وإن لم يكن موضوعا لها لكونها مجرّدة عن المادّة في ذاتها ، لكنّه ممّا يمكن أن يكون محلّا لإمكان حدوثها وفسادها أي علّة قابليّة لذلك ، كالموضوع بالنسبة إلى الأعراض.
وبيان ذلك أنّه لا يخفى أنّ المذهب الحقّ كما تقرّر في موضعه ، وكذا مذهب الشيخ كما يظهر لمن نظر في كلامه في الكتابين ، هو القول بحدوث النفس بحدوث البدن ، ولا سترة في أنّ فسادها لو فرض يكون حادثا أيضا ، فحدوثها وفسادها كلاهما حادثان بعد ما لم يكونا ، فحينئذ نقول : إمّا أن يكون كلّ حادث مطلق سواء كان مجرّدا أو مادّيا ، محتاجا إلى إمكان يسبقه وإلى محلّ لذلك الإمكان ، كما هو المقرّر عند الحكماء ، وإمّا أن لا يكون كذلك.
وعلى الأوّل فحدوث النفس وفسادها متساويان في احتياجهما إلى ذلك الإمكان ، وإلى ذلك المحلّ الحامل له ، فكما جاز أن يكون محلّ إمكان حدوثها هو البدن ، حيث إنّها