انعدم ، ـ أي البدن ـ انعدمت ـ أي النفس ـ وفيه المطلوب.
وهذا الذي ذكرنا إنّما هو تحرير وجوه تلك الشبهة الموردة على كلام الشيخ في الإشارات ، ويعلم منه كيفيّة تحريرها وإيرادها على كلامه في الشفاء. وتلخيص الكلّ ، أنّ القول ببقاء النفس بعد خراب البدن ، ينافي القول بحدوثها بحدوثه كما ذكرنا.
في تحرير الجواب عن الشبهة
وأمّا بيان الجواب عن تلك الشبهة فيستدعي تمهيد مقدّمة ، هي أن قد استبان لك ممّا حقّقه الشيخ في الشفاء على ما نقلنا كلامه سابقا أنّ تغيّر الكائنات الفاسدات ، إنّما يتحقّق إذا كان هناك تركّب من مادّة وصورة يكون بتلك الصورة كون ذلك المركّب بالفعل ، وبتلك المادّة كونه بالقوّة ، وكونه قابلا للضدّين المتواردين عليه ، وبالجملة أن يكون هناك محلّ قابل لكلا الضدّين اللذين هما متعلّق القوام به ، كالمادّة بالنسبة إلى صورة وضدّها وكالموضوع بالنسبة إلى عرض وضدّه وأن يكون في ذلك المحلّ قوة قبول صورة أو عرض فيحدث ذلك المقبول في ذلك المحلّ القابل ، وأن يكون فيه قوّة قبول فساده عنه ، فيفسد هو عنه إلّا أنّ ذلك الكائن الفاسد إن كان صورة هي جزء من المركّب منها ومن المادّة ، وبها قوام مادّتها كما في الجسم ، كان كون تلك الصورة سببا لكون المركّب وكذا فسادها سببا لفساده ، لفساد المركّب بفساد جزئه ، وإن لم يكن صورة كذلك ، بل عرضا بالنسبة إلى موضوعه ، لم يكن كونه سببا لكونه ، ولا فساده سببا لفساده ، فيظهر لك أنّه يشترط في الكون والفساد أن يكون هناك امور :
منها أن يكون هناك محلّ قابل لكون الكائن فيه ولفساده عنه ، مادّة كان ذلك المحلّ او موضوعا ، إذ لو لم يكن هناك محلّ كذلك فلا قبول فلا كون ولا فساد.
ومنها أن يكون ذلك المحلّ واحدا بالذات وكذا بالاعتبار باقيا في الحالين أي أن يكون ذلك المحلّ بعينه من جهة كونه قابلا لكون أمر فيه محلّا لفساده عنه ، وكان باقيا بعينه في الحالين ، إذ لو لم يكن واحدا بالذات وكذا بتلك الجهة ، لكان يجوز أن يكون محلّ قابل لكون أمر فيه ومحلّ آخر مغاير للأوّل بالذات أو بالاعتبار ، أي لا من جهة كونه محلّا لكون ذلك الكائن فيه محلّا لفساد ذلك الكائن عنه ، وهذا ممتنع ، إذ المفروض أنّ هناك