وبالجملة ما لا يجتمع وجوده مع وجود الصورة الخلطيّة ، ثمّ تفرز نفس الأبوين من تلك الأخلاط بالقوّة المولّدة مادّة المنيّ وتجعلها مستعدّة لمرتبة اخرى ، بأن يكون العلّة المعدّة هناك ، إمّا الصورة الخلطيّة وحدها ، أو هي مع حركة ما أو فعل ما من نفس الأبوين ، وكأنّه نسب ذلك الإعداد إلى نفس الأبوين ، لأجل أنّ لها مدخلا في ذلك ، أي وتجعلها مستعدّة لقبول قوّة ونفس من شأنها أي من شأن الصورة التي تلك النفس والقوّة مبدأ قريب لها ، أي الصورة المنويّة ، إعداد تلك المادّة لصيرورتها بدن إنسان بالاستعدادات المتدرّجة ، فتصير تلك المادّة الخلطيّة بتلك القوّة والنفس الفائضة عليها منيّا ، فتكون تلك القوّة والنفس مبدءا قريبا لفيضان صورة منويّة عليها ، وتكون أيضا صورة حافظة لمزاج المنيّ كالصورة المعدنيّة. والحاصل أنّه يكون عند حصول الصورة الخلطيّة تلك الصورة وحدها ، أو هي مع حركة ما من نفس الأبوين ، علّة معدّة لشيئين ، وتكون المادّة الخلطيّة ، مستعدّة لاستحقاق أمرين :
الأوّل فيضان نفس المولود حينئذ التي تكون هي مبدءا قريبا لفيضان الصورة المنويّة عليها ، وحافظة لمزاج المنيّ كما سبق ، من أنّ نفس المولود حينئذ حافظة لمزاج المنيّ ، وتقرّر أيضا أنّها مبدأ قريب لصورة بدنه ، وظاهر أنّ الصورة المنويّة أيضا من مراتب صور بدنه ، إلّا أنّهم لا يطلقون على النفس في تلك المرتبة اسم النفس ، بل اسم القوّة أو الصورة ، ويطلقون اسم النفس عليها فيما بعد تلك المراتب ، كما سبق ذكره فيما نقلنا عن المحقّق الطوسي في باب حفظ المزاج.
وبالجملة أنّ الصورة الخلطيّة تكون علّة معدّة لفيضان نفس المولود وحدوثها حينئذ متعلّقة بتلك المادّة وشأنها ما ذكر فتحدث تلك النفس حينئذ وتنعدم تلك الصورة الخلطيّة حين حدوثها.
الثاني الصورة المنويّة التي هي من الصور البدنيّة ومبدؤها القريب هو تلك النفس ، فتنعدم الصورة الخلطيّة بحدوثها أيضا ، حيث إنّ العلّة المعدّة ، إمّا ما يجب انعدامها عند حدوث معلولها كما هو التحقيق ، وإمّا ما لا يجب بقاؤها مع وجود معلولها بل يجوز عدمها. وعلى التقديرين فيجوز عدمها ، كما فيما نحن فيه بالنسبة إلى نفس المولود ، وكذا بالنسبة إلى الصورة المنويّة ، إلّا أنّ المادّة البدنيّة باقية بعينها ، وكذا النفس متعلّقة بها ، ومبدءا قريبا