لتلك الصورة المنويّة ، وحافظة لمزاج المنيّ.
ثمّ إنّ المنيّ يتزايد كمالا في الرحم بحسب استعدادات يكتسبها هناك في حالاتها ، فحيث استقرّ بحركة ما من نفس الأبوين في قرار الرحم وصادف هناك مادّة طمثيّة صالحة لتكوّن بدن إنسان منها ، وخالطها وامتزجها بحيث كان هو فيها بالنسبة إلى صورة اخرى إنسانيّة بعدها كالإنفحة في اللبن بالنسبة إلى الجبن مثلا ، تكون صورته المنويّة الكائنة بتلك الحالة علّة معدّة لفيضان صورة اخرى. أي الصورة العلقيّة على تلك المادّة المنويّة الممتزجة مع المادة الطمثية المستعدّة بذلك الإعداد للصورة العلقيّة ، فتنعدم الاولى عند حصول الصورة الثانية ، لكن المادّة باقية بعينها ، وكذا النفس باقية بعينها متعلّقة بها مبدءا قريبا لتلك الصورة وحافظة لمزاج العلقة ، وهكذا إلى أن يتكامل المادّة وتصير بإعداد الصورة العلقيّة مستعدّة لقبول صورة اخرى أكمل من الأولى ، أي الصورة المضغيّة ، فتكون الصورة العلقيّة علّة معدّة لفيضان الصورة المضغيّة على تلك المادّة ، فتحدث هي وتنعدم الصورة العلقيّة ، لكونها علّة معدّة لها والمادّة باقية حينئذ بعينها ، وكذا النفس باقية بعينها متعلّقة بها ومبدءا قريبا لتلك الصورة المضغيّة وحافظة لمزاج المضغة. وهكذا إلى أن يتكامل المادّة وتصير بإعداد الصورة المضغيّة مستعدّة لقبول صورة أكمل منها ، أي الصورة العظميّة واللحميّة على تركيب مخصوص وهيئة مخصوصة ، هي الصورة الإنسانيّة ، فتحدث تلك الصورة وتنعدم الصورة المضغيّة لكونها علّة معدّة ، والمادّة باقيّة بعينها.
وكما أنّ المادّة باقية بعينها في جميع المراتب في ضمن الصور المتواردة ، كذلك النفس باقية في جميع تلك المراتب البدنيّة بعينها وبشخصها من غير تغيّر في ذاتها ، نعم يتزايد كمالاتها بحسب تزايد كمالات البدن ، وتزايد استعداداته.
وبالجملة بحسب تزايد كمالات آلتها وقبولها للصور الكاملة واحدة بعد واحدة ، فهي تكون في جميع المراتب البدنيّة مبدءا قريبا لتلك الصور الفائضة ، وحافظة لمزاج ما فاضت الصورة عليه ، كالمنيّ والعلقة والمضغة والعظم واللحم ، فبرهة تكون منشأ لإفاضة الصورة وحفظ المزاج فقط كالصورة المعدنيّة ، وبرهة تكون مع ذلك منشأ للأفعال النباتيّة أيضا ، فتجذب الغذاء وتضيفه إلى تلك المادّة فتنميها ويتكامل المادّة بتربيتها