الأشرف يومئذ اصفهان بسبب حرارة جوّها ، وافتقارها إلى الماء العذب الصّافي ، وعدم جامعيّتها في العلوم المتداولة. وعند ما سيطر الأوباش على أصفهان ، اختفى كثير من طلّاب العلم ، وتوجّه بعضهم إلى العتبات المقدّسة. وعلى الرّغم من أنّ اصفهان لم تستعد مجدها الغابر ، لكن نبغ فيها رجال كبار كانت لهم صفة الأستاذيّة. وكان طلّاب العلم يرونها مكانا مناسبا لكسب أنواع العلوم. وكان طلّاب الطّالقان يدرسون في حوزتها ، كما كان فيها مدرّسون مشهورون من أهل الطّالقان.
كان مير سيّد حسن الطّالقاني أستاذ الحزين اللّاهيجيّ فقيها أصوليّا حكيما عارفا شاعرا مشهورا ومن أحفاد الشّيخ الأجلّ العارف المشهور الشّيخ زاهد الجيلانيّ. وكان المذكور يدرس العلوم النّقليّة في العتبات المقدّسة ، ودرس العرفان النّظريّ عند العارف المحققيّ وبلغ فيه درجة رفيعة. كما بلغ الشّيخ محمد علي المعروف بالحزين اللاهيجيّ مكانة سامية عنده. وكان هذا الشّيخ يرى أنّ مير سيّد حسن الطّالقانيّ لا مثيل له في العرفان النّظريّ.
وقام الشّاه سلطان حسين باخراج جميع أحفاد الشّيخ زاهد الجيلانيّ الّذين كانوا يحظون باحترام الصّفويّين من اصفهان بارشاد مربّيه الملّاباشي ، وبحجّة واهية تتلخّص في أنّ العرفان شجرة الزّقّوم ، أخرجهم بنحو مهين وخرب المكان الّذي كان يقيم فيه الملّا محسن الفيض العزاء. وممّن نفي عن مدينته العالم الكبير في زمانه الملّا محمّد صادق الأردستانيّ الّذي عانى من البرد الشّديد والثّلج الكثير في الطّريق بين نجف آباد واصفهان ، وفقد ابنه الصّغير بسبب ذلك.
ونفي أيضا المغفور له الحزين اللّاهيجيّ. وكان هذا الرّجل أفضل أحفاد الشّيخ زاهد في عصره. وترك اصفهان خائفا مترقّبا ولسان حاله يقول : (رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). وكان يتنقّل من مكان إلى آخر حائرا ، وكان الوضع في اصفهان سيّئا بسبب أخبارها المرعبة وكانت شمس الصّفويّين آخذة بالأفول تدريجا ، ويعود قرب هذا الأفول إلى عصر الشّاه سليمان. وفقد هذا الملك قدرته على اتّخاذ القرار منذ أواسط حكومته بسبب عجزه الشّديد. مع هذا ، ما دام وزيره الأعظم المغفور له الشّيخ علي خان زنگنه المعبّر عنه باعتماد الدّولة على أريكة السّلطة وكان حيّا ، فانّه كان ينجز الأعمال بنحو من الأنحاء. و