أو ترتّب عقلي كما بين الأجناس والأنواع الإضافية المترتّبة على سبيل التصاعد أو التنازل ، ولا سترة في أنّ هذا الترتّب منفيّ هنا ، سواء فرض ترتّب بين ذاته تعالى وبين ذاته ، أو بين ذاته تعالى وبين غيره ، فلا يصحّ إرادتهما في الآية.
نعم لو صحّت إرادتهما فيها ، لا مانع من إطلاق الأوّليّة والآخريّة كلتيهما على ذاته تعالى ، حيث يجوز فيهما أن يصير السابق متأخّرا وهو هو بعينه.
ولا يخفى أيضا أنّ التقدّم بالشرف وإن كان يجوز إطلاقه عليه تعالى ، لكن بالنسبة إلى غيره ، بمعنى أنّه تعالى أشرف من غيره ، لكنّه لا يصحّ إطلاق المتأخّر بهذا المعنى ، سواء اعتبر بالنسبة إلى ذاته تعالى إلى غيره ، وسواء كان ذلك باعتبار واحد أم باعتبارين ، وإن جاز في هذا القسم أيضا اجتماع الوصفين على ذات واحدة باعتبارين.
ولا يخفى أيضا عدم صحّة إرادة التقدّم والتأخّر بالذات اللذين أثبتهما المتكلّمون بين أجزاء الزمان ، كسبق الأمس على الغد ، سواء اعتبر ذلك بالنسبة إلى ذاته تعالى أو إلى غيره ، وسواء كان باعتبارين أو باعتبار واحد.
فبقي أن يكون المراد بالأوّليّة والآخريّة في الآية التقدّم والتأخّر بالزمان ، ومعنى ذلك هو أن يكون السابق قبل المسبوق قبليّة لا يجامع معها البعد. وهذا أيضا لا يصحّ إرادته في الآية ، أمّا إذا اعتبر التقدّم على ذاته أو التأخّر عن ذاته سواء فرض وجوده تعالى وجودا زمانيّا ، أم لم يفرض ، لأنّ السابق هنا يجامع المسبوق ، وأيضا تقدّم الشيء على نفسه غير معقول ، ولا جهة أيضا هنا بها يصحّ اعتبار تقدّمه على نفسه وتأخّره عن نفسه بجهة اخرى حتّى يكون التقدّم والتأخّر باعتبارين.
وأما إذا اعتبر ذلك التقدّم على غيره وذلك التأخّر عن غيره ، فلأنّ المعتبر في التقدّم والتأخّر الزمانيّين أن يجوز كون المتقدّم والمتأخّر زمانيّا ، وما وجوده زماني ، إمّا ما يكون وجوده تدريجيّا كالزمان مثل الحركة ، وهذا لا يجوز على وجوده تعالى لكونه ثابتا أبد الدهر لا تدريجيّا موجودا شيئا فشيئا ولا متجدّدا متصرّفا. وإمّا ما يكون وجوده ثابتا غير تدريجيّ سواء كان حدوثه تدريجيّا أو دفعيّا ، ومع ذلك ما يكون وجوده محفوفا بالزمان ، واقعا تحته ، ويكون قبله زمان وبعده زمان إن انقطع زمان وجوده كبعض الأجسام. وهذا أيضا لا يجوز على وجوده تعالى ، لأنّه ليس قبله زمان ولا ما هو منشأ لانتزاع الزمان عنه،