في الإشارة إلى الجواب عن شبهة المعدوم المطلق
وبهذا يظهر الجواب عن الشبهة المشهورة بين القوم ، على قولهم : المعدوم المطلق أو المجهول المطلق لا يخبر عنه. فتدبّر فيه. فإنّه الجواب الحقّ عن ذلك ولا تصغ إلى غيره ممّا ذكره فيه أقوام ، فإنّه لا يفيد إلّا زيادة الإلباس والإبهام.
وكذلك ظهر ممّا ذكرنا أنّ المعدوم الواقعي أيضا وإن كان له وجود في الذهن بمحض الفرض ، ممّا لا يخبر عنه خبرا إيجابيّا أصلا كالمعدوم المطلق ، لأنّ معنى قولنا : «إنّ المعدوم كذا» كما حقّقه الشيخ ، أنّ وصف كذا حاصل للمعدوم ، وإذ لا فرق بين الحاصل والموجود ، فيكون كأنّا قلنا إنّ هذا الوصف موجود وجودا واقعيّا للمعدوم ، وإذا كان للوصف وجود واقعي وثبوت في نفس الأمر للمعدوم ، فيجب أن يكون للمعدوم أيضا وجود وثبوت كذلك ؛ والمفروض خلافه ، إذ المفروض أنّه إمّا معدوم مطلقا أو معدوم في الواقع ، وإن كان له وجود فرضيّ اختراعي. بل نقول كما حقّقه أيضا أنّه لا يخلو إمّا أن يكون ما يوصف به المعدوم ويحمل عليه موجودا وحاصلا للمعدوم ، أو لا يكون موجودا وحاصلا له.
فإن كان موجودا وحاصلا للمعدوم ، فلا يخلو إمّا أن يكون في نفسه موجودا في الواقع أو معدوما فيه ، فإن كان موجودا في الواقع فيكون للمعدوم مطلقا أو في الواقع ، صفة موجودة وجودا واقعيّا ، وإذا كانت الصفة موجودة وجودا واقعيّا فالموصوف بها أيضا موجود كذلك ، لحكم العقل بأنّ الصفة الموجودة في الواقع ، لا يمكن ثبوتها للمعدوم مطلقا أو للمعدوم في الواقع ، وإذا كان الموصوف موجودا فيلزم أن يكون المعدوم مطلقا أو في الواقع موجودا في الواقع ، وهذا محال.