المحمول ، أي العود له ، وإن اريد به زمان وجوده العودي ، كما ذكرنا سابقا من أنّه يجوز أن يبنى هذا الحكم على أنّه إذا وجد المعدوم ثانيا وثبت له الوجود ، ثبت له العود في الواقع. وحينئذ يكون ذلك المحمول ، أي العود ثابتا له في الواقع ، ويكون قد اقتضى وجود الموضوع في الواقع ، وإن كان الحكم الذهني به في زمان عدمه ، كما في قولنا : المعدوم الممكن سيوجد ، والقيامة تكون ، فذلك مسلّم.
ولا يخفى أنّه أيضا يرد إيرادا على التقرير الذي ذكره الشارح المذكور ، دون التقرير الذي ذكرنا ، فتأمّل.
في الإشارة إلى قول المحقّق الطوسي
ثمّ إنّ هاهنا دقيقة اخرى ، ينبغي التنبيه عليها. وهي أنّ قول المحقّق الطوسي رحمهالله : «والمعدوم لا يعاد لامتناع الإشارة إليه ، فلا يصحّ الحكم عليه بصحّة العود» (١) وإن كان الظاهر من قوله : فلا يصحّ الحكم ، عدم الصحّة بمعنى الامتناع ، وكذا الظاهر من الحكم عليه بصحّة العود ، الحكم في القضيّة التي كان محمولها مفهوم صحّة العود ، وموضوعها المعدوم ، حتّى يكون معنى الكلام : أنّه يمتنع الحكم عليه بأنّه يصحّ عوده كما فهمه الشارح القوشجي ، لكن لا يخفى أنّ المحقّق الطوسي لم يجعل هذا القول دليلا على قوله : «والمعدوم لا يعاد» سواء أراد به أنّه لا يمكن أن يعاد أولا يصحّ أنّ يعاد كما هو الظاهر ، أو أراد أنّه لا يعاد بالفعل ، كما هو الاحتمال ، بل جعل الدليل عليه قوله : «لامتناع الإشارة إليه» وجعل ذلك القول نتيجة له ومتفرّعا عليه.
ولا يخفى أيضا أنّ قوله : «لامتناع الإشارة إليه» بظاهره مجمل أو مطلق ، يشمل امتناع الإشارة العقليّة إلى هويّة المعدوم مطلقا ، سواء كانت هويّة ذهنيّة أو خارجيّة ، وكذا خصوص الهويّة الخارجيّة ، وكذا يشمل امتناع الإشارة إليه في حال وجوده السابق أو اللاحق ، أي حين الإعادة أو في حال العدم قبل الإعادة وبعد الوجود السابق ، إلّا أنّ الفحص والتدقيق يقتضي أن يكون مراده رحمهالله بامتناع الإشارة إليه ، امتناع الإشارة إلى هويّته الخارجيّة الواقعيّة في حال العدم ، ويكون حاصل دليله : أنّ المعدوم لا يعاد ، بل
__________________
(١) شرح التجريد : ٧٢.