وكيفما كان فلا نعني بذلك ـ كما فهمه بعضهم كالشارح القوشجي وغيره ـ أنّ لأجزاء زمان الوجود من حيث التقضي والانصرام والتجدّد مدخلا أيضا في التشخّص ، حتّى يلزم تغيّر الشخص بتغيّر الزمان وتبدّله بتبدّله ، وأن يكون زيد الموجود في هذا الزمان غير زيد الموجود في الزمان السابق أو اللاحق ، ويناقض بأنّا قاطعون بخلافه ، حيث إنّا نعلم بالضرورة أن زيدا الموجود في هذه الساعة ، هو بعينه الذي كان بالأمس ، حتّى أنّ من زعم خلاف ذلك ينسب إلى السفسطة. وما يحكى من مناقضة الشيخ مع تلميذه بهمنيار ، حيث إنّه طالب الشيخ بالدليل على بقاء الذات في الإنسان حتّى يستدلّ به على التجرّد ، فأجاب عنه بالرجوع إلى الوجدان الصحيح ، ثمّ أورد بهمنيار على مسألة اخرى سمعها من الشيخ كلاما ، فقال الشيخ في جوابه : كيف تجعلني المسموع منه مع تجويزك تبدّل الذات ، فهو إن كان مبنيّا على تجويز بهمنيار تبدّل الذات بتبدّل الزمان فلعلّه محمول على ما ذكرنا ، فتدبّر.
وحيث ظهر أنّ الوقت من جملة المشخّصات ، وأنّ المعدوم إذا اعيد بعينه ، يجب أن يكون وقته الأوّل معادا أيضا. فنقول : إنّ وقته إمّا أن يعاد بحيث لا يكون هناك وقت غيره ، ويكون المعدوم معادا فيه ، فهذا باطل ، لأنّه حينئذ لا يكون معادا أصلا بل مبتدأ فقط ، لأن المعاد هو الذي يوجد في وقت ثان غير الوقت الأوّل ، وهذا قد وجد في الوقت الأوّل بعينه فقط.
والقول بأنّ المعاد لا يلزم أن يكون موجودا في وقت ثان البتّة ، بل هو الذي يوجد ثانيا ، سواء وجد في وقته الأوّل أو في وقت ثان آخر ، كما فهمه بعض من جوّز إعادة المعدوم ، ممّا لا معنى محصّل له ، لأنّ الثانويّة في قوله : «هو الذي يوجد ثانيا» لا يخفى أن ليس المراد بها الثانويّة بالعلّيّة أو بالطبع أو بالشرف أو بالرتبة ، وهذا كلّه ظاهر ، ولا الثانويّة بالذات كما فيما بين أجزاء الزمان ، لأنّ التقدّم والتأخّر بين وجود وجود ليس من هذا القبيل ، وهذا ظاهر أيضا ، بل المراد الثانويّة بحسب الزمان. وإذا كان كذلك فيكون معنى الوجود ثانيا الوجود في زمان ثان. فإذا وجد في زمانه الأوّل فلا يكون موجودا في زمان ثان. فلا يكون معادا أصلا بل مبتدأ فقط ؛ هذا خلف.
وأيضا إذا فرض كونه معادا أيضا ، فلا يكون ذلك إلّا بفرض الوقت ثانيا أيضا ، حتّى