للعدم في وقت معيّن ـ أي وقت عدمه ـ لم ينفكّ عنه ذلك فكان معدوما في ذلك الوقت دائما ؛ هذا خلف. يعني أنّه يلزم على هذا التقدير أن يكون ممتنع الوجود في وقت عدمه دائما ؛ هذا خلف. بل يلزم مع فرضه واجب الوجود في وقت وجوده أن يكون واجب الوجود في وقت وجوده دائما ، وكذا ممتنع الوجود في وقت عدمه دائما ، أي أن يكون الوقتان موجودين دائما ، ويكون هو ممتنع الوجود دائما في وقت عدمه الذي يجب وجود ذلك الوقت دائما ، وواجب الوجود دائما في وقت وجوده التي يجب وجود ذلك الوقت دائما. وهذا من أشنع المحال.
بل يجري أيضا فيما ادّعاه المانع من امتناع المعدوم بعد طريان العدم ، أو امتناع اتّصافه بالوجود بعد طريان العدم ، حيث عرفت أنّ مراده من الامتناع هو الامتناع الذاتي لا الغيري ، وعرفت أنّ القائل بنى كلامه على أن هذا الامتناع إنّما هو لأجل الاقتران بالوقت أي اقتران الموضوع أو المحمول به ، وألزم عليه ما ادّعاه ، وعرفت أنّ المحقّق الدواني سلّم ذلك منه وبيان الجريان ظاهر بعين ما ذكرنا في امتناع فرض الامتناع الذاتي في الحادث في زمان عدمه أو في اتّصافه بالوجود في زمان عدمه.
كلام مع المحقّق الدواني
وحيث تحقّقت ما ذكرنا ، ظهر لك أنّه يرد على المحقّق الدواني الإيراد من وجهين :
الأوّل أنّه لم لم يتعرّض لإبطال فرض الامتناع الذاتي في الحادث في زمان عدمه ، مع أنّ دليله على إبطال فرض الوجوب الذاتي فيه في زمان وجوده لو تمّ يجري فيه أيضا كما ذكرنا ، وبه تنحسم مادّة الشبهة بالكلّية ، حيث إنّ القائل المذكور ادّعى أنّه يلزم على ما ادّعاه المانع أمران :
أحدهما الوجوب الذاتي في الحادث في زمان وجوده.
والآخر الامتناع الذاتي فيه في زمان عدمه.
وحسم مادّة هذه الشبهة إنّما يحصل بإبطال كلا الفرضين جميعا لا بإبطال أحدهما خاصّة كما فعله.
الوجه الثاني أنّه لا يخفى أنّ ذلك القائل في مقام إبطال سند المنع الذي ذكره المانع