بسم الله الرّحمن الرّحيم وبه نستعين
الحمد لله الذي خلق فسوّى ، وقدّر فهدى ، وأمات وأحيى ، وعليه النشأة الأخرى ، وإليه المنتهى ، ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، عدلا منه تبارك وتعالى ، والصلاة على خير الورى ، أشرف من بعث بالبعث والجزاء ، وأكرم من أتى بالنشور والرجعى ، محمّد المصطفى وآله الذين بهداهم يهتدى ، وبطريقتهم يقتدى ، صلاة كثيرة دائمة بدوام الأرض والسماء.
أمّا بعد ، فيقول العبد الضعيف النحيف المذنب الجاني ، محمّد نعيم بن محمّد تقيّ المدعوّ بعرفي الطالقاني ، عفي عنه وعن والديه ، وختم الله لهم بالحسنى ، وجعل آخرتهم خيرا من الأولى :
ذاكرني بعض إخوان الصفا وخلّان الوفاء ، أنّ التصديق بالمعاد مطلقا لا يخفى أنّه ضروريّ في هذه الملّة البيضاء والملل السابقة التي أتى بها الأنبياء عليهم التحيّة والثناء ، وأصل من أصول الدين القويم والمذهب المستقيم ، لم ينكره أحد من أصحاب العقول وأرباب الألباب والنهى ، إلّا شرذمة قليلة من ملاحدة الحكماء ، وأنّ الجسمانيّ منه هو جزء من الإيمان ، وضروريّ في الأديان ، ودلّ عليه الكتاب الكريم والسنّة السمحاء ، إذ عليه أدلّة واضحة لا يعتريها شوب شبهة ولا ريبة ولا خفاء ، وقد أطبق عليه الملّيّون من الحكماء والمتشرّعون من العلماء ، وقد أقاموا الدليل العقليّ على الروحانيّ منه ، إلّا أنّهم عن آخرهم اعتقدوا الجسمانيّ منه على الوجه الذي أتى به الأنبياء ، مثل اعتقادهم للأحكام الفرعيّة ، معترفين بأنّه لا يمكن إقامة الدليل العقليّ عليه ، قائلين بأنّه ليس للعقل استقلال ولا مدخل في إثباته بوجه ما ، وكفاك شاهدا على هذا قول شيخ الرئيس ابن سينا