الخاصّ بالإنسان الذي هو معروض ذلك الوجود الخاصّ أو عارضه ، هو أيضا منشأ التمايز بينه وبين غيره لا يمكن إنكار وجوده فيه أو معه.
والإنسان عبارة عن مجموع ذلك البدن المخصوص وهذا الأمر المميّز الخاصّ ، وإليهما اشير في مواضع عديدة من الكتاب الكريم ، كقوله تعالى :
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ، فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ). (١)
وقوله تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ). (٢)
وقوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ). (٣)
والحاصل : أنّ ذلك الأمر الخاصّ ، جليّ الإنيّة عند ذوي الفطرة السليمة ، وإن كان خفيّ الماهيّة ، ولذا اختلف فيه على أقوال شتّى كما نقله الشيخ الرئيس في الشفاء عن القدماء ، فذهب بعضهم إلى أنّه جوهر مجرّد ، وبعضهم إلى أنّه مادّي ، جسم أو جسماني ، وسيأتي فيما بعد نقل ذلك تحقيق الحقّ فيه إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) المؤمنون : ١٢ ـ ١٤.
(٢) السجدة : ٧ ـ ٩.
(٣) التين : ٤.