ولا يحتاج إلى شرحها ، لكنّا نقول للتنبيه على ذلك :
إنّ المتبادر من مفهومات هذه الألفاظ ومعانيها عند الإطلاق ، هو أن يكون قد وجد أوّلا ما فرض أنّه متعلّق الإعادة على وجود مخصوص وحال وصفة مخصوصتين ، ثمّ زال عنه ذلك الوجود وتلك الحالة [والصفة] ثانيا في وقت من الأوقات ، سواء كان بزوال نفسه أو زوال أمر متعلّق به ، ثمّ وجد في وقت آخر بعده على ذلك الوجود وعلى تلك الحالة والصفة ، فإنّه حينئذ يصدق على ذلك الأثر الحاصل ثالثا أنّه العود ، وعلى تأثير الفاعل ذلك فيه أنّه الإعادة ، وبهذا المعنى اطلقت تلك الألفاظ في تلك الآيات الكريمة ، إذ هو معناها المتبادر ، ولا سيّما أنّها اطلقت في تلك الآيات في مقابلة البدء والإبداء ، وهو قرينة عليه ، إذ البدء والإبداء معناهما الإيجاد أوّلا ، سواء كان إبداعا من غير تقدّم مدّة ومادّة ، أو إحداثا وتكوينا مع تقدّمهما ، فحيث كان معناهما ذلك وكان متعلّق الإبداء والإعادة واحدا ، كان معنى العود والإعادة في مقابلتهما إيجاد ذلك الموجود أوّلا في وقت آخر ، بعد أن تخلّل زمان زوال وفناء بينهما ، فتدبّر.
فيكون معنى تلك الآيات ـ والله أعلم ـ أنّ الله تعالى أوجد الخلق كالإنسان مثلا على وجود خاصّ وحال مخصوصة ، ثمّ يميتهم ويزيل عنهم ذلك ثانيا ، ثمّ يوجدهم ثالثا على ذلك الوجود وتلك الحال.
وقد يطلق العود والإعادة على وجود شيء أو إيجاده في وقت متأخّر بعد أن كان ينبغي وجوده أو إيجاده في وقت متقدّم عليه ولم يقع ذلك ، إمّا بانتفائه رأسا ، أو بانتفاء جزء من أجزائه ، أو شرط من شروطه ، كما يطلق على فعل الصلاة غير المؤدّاة في وقتها كما أمر بها الشارع ، في وقت ثان ، أنّه إعادتها ، ولا شكّ أنّ هذا المعنى سواء كان حقيقيّا أو مجازيّا غير مراد في الآيات الكريمة.
كما أنّ إرادة إنشاء خلق آخر في النشأة الاخرويّة ، مغاير للخلق الأوّل بحسب الذات وإن كان مماثلا له في بعض الصّفات أو كلّها ، خلاف الظاهر من لفظ الإعادة ، وكذا من تلك الآيات ، فتدبّر تعرف.
وحيث عرفت المعنى المراد من العود والإعادة والمعاد الّتي وردت في الكتاب الكريم ، ظهر لك أنّه ينبغي أن يحمل عليه ما ورد فيه بألفاظ اخر ، مثل الرجوع والرجع