إيراد إشكال على القول بالمعاد الروحاني فقط
الأوّل لزوم إنكار المعاد الجسماني ، حيث لم يقولوا به ، وهو خلاف ما نطق به الشرع ، بل هو أيضا كفر ، وكإنكار المعاد مطلقا.
والثاني أنّه لا معنى حينئذ لإطلاق لفظ المعاد على عود النفس خاصّة ، لأنّ معنى المعاد على ما بيّناه سابقا هو أن يكون ما فرض متعلّق الإعادة على وجود مخصوص وحال وصفة مخصوصتين ، ثمّ يزول عنه ذلك الوجود وتلك الحالة والصفة ثانيا ثمّ يعود إليه ثالثا ، وهذا المعنى لا يتحقّق هاهنا ، لأنّ المفروض أنّ النفس كانت موجودة حين تعلّقها بالبدن على حال وصفة مخصوصتين ، ثمّ زال تعلّقها عنه ، لكنّها كانت بعد خراب البدن وزوال تعلّقها عنه على ذلك النحو من الوجود والحال والصفة الذي كان حين التعلّق بالبدن وأنّها في الحشر أيضا تكون على ذلك النهج الذي كان قبل ، فتدرك اللذّات والآلام على حسب ما تقتضيه ذاتها ، وهذا ليس من معنى المعاد في شيء ، لأنّه لم يفت عنها شيء كان حاصلا لها أوّلا ويعود ذلك الشيء في الحشر. نعم أنّهم لو قالوا بمعاد البدن أيضا سواء كان عين البدن الأوّل أو غيره مطلقا ، لربّما أمكن تصحيح إطلاق اللفظ ، بأن يقال : إنّها كانت أوّلا متعلّقة ببدن ، ثمّ زال عنها ذلك التعلّق بعد خراب البدن ، ثمّ اعيد حين البعث ، له تعلّق آخر بذلك البدن أو ببدن آخر ، والحال أنّهم لم يقولوا بذلك أصلا. هذا مع أنّ في صورة فرض تعلّقها ببدن آخر يكون إطلاق اللفظ بنوع من التجوّز ، بخلاف صورة فرض تعلّقها بذلك البدن الأوّل ، لأنّه حينئذ يكون إطلاق اللفظ على الحقيقة ، وهذا من أحد الشواهد على أنّ المراد بالمعاد في الشرع هو عود النفس إلى البدن الأوّل بعينه ، وسيجيء إقامة الدليل عليه.