الغريزية ، وكون بقاء الحياة بها. وإلى البرودة للتنفّس والاستنشاق بالمبرّد ليحفظ جوهر النفس.
وبالجملة ، لو اريد بذلك الروح الحيوانيّ الذي يقوله الأطبّاء والحكماء ـ كما تبيّنوا حقيقته في موضعه ، وسيأتي الكلام فيه فيما بعد في موضع يليق به إن شاء الله تعالى ـ لربّما أمكن أن يكون له وجه صحّة.
وقد تأوّل صدر الأفاضل هذه الأقاويل بوجه آخر هو أيضا مرموز.
قال (١) : «النفس من حيث نفسيّتها نار معنويّة من (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) (٢). ولهذا خلقت من نفخة الصور ، فإذا نفخ فى الصور المستعدة للاشتعال النفسانيّ ، تعلّقت بها شعلة ملكوتيّة نفسانيّة ، والنفس لعدم (٤) استكمالها وترقّيها إلى مقام الروح ، يصير نارها نورا محضا لا ظلمة فيه ولا إحراق معه ، وعند تنزّلها إلى مقام الطبيعة يصير نورها نارا ، (مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) (٣).
ثمّ قال : النّفخة نفختان : نفخة تطفئ النار ، ونفخة اخرى تشعلها ، فوجود النفس وبقاؤها من النفس الرحمانيّ ، وهو انبساط الفيض عن مهبّ رياح الوجود ، وكذا زوالها وفناؤها ، وتحت هذا سرّ آخر. فعلم أنّ ما ورد في لسان بعض الأقدمين «أنّ النفس نار» أو «شرر» أو «هواء» ، لا يجب أن يحمل على التجوّز في اللفظ ، وكذا الحال فيما صدر عن صاحب شريعتنا عليهالسلام». انتهى كلامه ، وهو (ره) أعلم بما قال.
تأويل بعض الاحاديث الواردة في الروح
ثمّ إنّه بما احتملناه في تأويل تلك الأقاويل أو نحوه ، ربّما أمكن تأويل ما ورد في أخبار الصادقين عليهمالسلام في حال الروح ووصفه وبيان حقيقته.
__________________
(١) الشواهد الربوبيّة / ١٩٨.
(٢) الهمزة / ٦ و٧.
(٤) في المصدر : بعد استكمالها.
(٣) الهمزة / ٨ و٩.