بالانبساط ، ويخلو بالانقباض. وأنّه لو لا هذان الفعلان لاحترق الروح القلبيّ ، واستحال إلى الناريّة ، كما أنّه لو كان أحدهما دون الآخر ، لربما أدّى إلى فساد ذلك الروح وفنائه ، فإنّه لو كان هناك استنشاق دون إخراج الفضلات ، لربّما أدّى إلى تبريد الروح القلبيّ تبريدا غير مناسب لمزاجه ، فيفسد. وكذا لو كان هناك إخراج الفضلات من دون استنشاق هواء أصلا ، لربّما أدّى إلى إخراج الروح بالكليّة ، أو إلى تسخينه تسخينا لا يناسب مزاجه ، فيفنى.
وبالجملة ، أنّ ذلك الهواء المستنشق ، مع أنّه مروّح للروح الحيوانيّ غذاء له ، إمّا بانفراده ـ كما هو عند قوم ـ وإمّا مع البخار اللطيف الحاصل من لطافة الأخلاط كما هو عند آخرين ، فيقوم بدل ما يتحلّل من الروح. وأنّه ما دام الهواء المستنشق معتدلا صافيا عن الشوائب والمكدّرات لا يخالط بخار آجام أو بطائح أو آسن الماء أو نتن الجيف أو أبخرة رديّة وأشجار خبيثة أو غبار مترادف أو دخان ، كان حافظا للصحة إن كانت حاصلة ، أو محدثا لها إن لم تكن حاصلة. وإن تغيّر بسبب هذه المغيّرات كلّها أو بعضها ، تغيّر حكمه ؛ سواء كانت تغيّراته طبيعيّة كالتغيرات الفصليّة ، أو غير طبيعيّة. إمّا مضادّة للطبيعة ، كالتغيّرات الوبائية ، أو غير مضادّة لها ، كالتغيّرات الحاصلة بسبب الجبال والبحار. ولذلك كان كلّ فصل يورث الأمراض المناسبة له ، ويزيل الأمراض المضادّة له ، كما فصّل ذلك فى الكتب الطبيّة.
وكذلك من المعلوم المقرّر عندهم ، أنّ النوم واليقظة اللّذين هما من الستّة الضروريّة ، وإن كان النوم أشبه بالسكون ، واليقظة أشبه بالحركة ، من حيث إنّ السكون يفعل أفعالا شبيهة بأفعال النوم ، مثل الراحة ونضج الغذاء ، وإنّ اليقظة يتبعها حركات الحواسّ ، ولأنّ النوم يرطّب البدن ، بمعنى أنّ البدن يغتذى فيه أكثر وأجود ، لقلّة التحلّل فيه. والسكون أيضا يرطّب البدن بهذا المعنى ؛ واليقظة تجفّف كالحركة للتحليل ؛ إلّا أنّه في كلّ من النوم واليقظة حركة للروح الحامل للقوى والحرارة الغريزيّة.
أمّا في اليقظة فإلى خارج ، فلذلك يتبعها حركة الحواسّ ، وأمّا في النوم ، فحيث كانت