كما أنّ قوله عليهالسلام فى الحديث الرابع ، (١) في تفسير قوله تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (٢) محمول على أنّ المراد بالروح هو الروح الحيوانيّة التي هي مجانسة للريح ، وأنّ الإضافة للتشريف.
وكذلك قوله عليهالسلام في الحديث الخامس «وأجرى في صورهم من ريح الجنّة» (٣) لعلّ المراد به الروح الحيوانيّة التي هي مجانسة للريح كما ذكر ، إلّا أنّها في المؤمن من ريح الجنة ، كما أنّ الظاهر أنّ المراد بطينة الجنان ذلك التراب الّذي ذكر أنّه مبدأ خلق الإنسان ، إلّا أنّه في المؤمنين من تراب الجنّة.
وحيث عرفت ما ذكرنا من الكلام الذي وقع في البين بالمناسبة والتقريب ، فلنرجع إلى ما كنّا بصدده في هذا الباب.
في بيان جوهريّة النفس
فنقول : أمّا بيان جوهريّة النفس ، فله طريقان : أحدهما خاصّ بالنفس الناطقة الإنسانيّة ، والآخر عامّ يعمّ النفس الأرضيّة بأنواعها ، أي النباتيّة والحيوانية والانسانيّة.
أمّا الطريق الخاصّ بالإنسانيّة ، فهو يتوقّف على إثبات تجرّدها ، لأنّه إذا ثبت أنّها ليست بجسم ، كما تقدّم ؛ وثبت مع ذلك أنّها مجرّدة عن المادّة قائمة بذاتها ؛ لم يقع شكّ في أنّها جوهر.
وأمّا الطريق العامّ ، فبأن يقال : لو كان وجود النفس الأرضيّة في الجسم كوجود العرض في الموضوع ، لكان حال تلك النفس ـ بالقياس إلى ذلك الجسم ـ كحال الأعراض التي يتبع وجودها وجود الموضوع لها ، ولا تكون مقوّمة لموضوعها بالفعل ، كما هو شأن العرض الموجود في الموضوع. ولكان حال ذلك الجسم ـ بالقياس إلى النفس ـ كحال
__________________
(١) الاحتجاج ٢ / ٣٢٣.
(٢) ص / ٧٢.
(٣) أصول الكافي ٢ / ١٣٣.