الحيوانيّة إيّاها اتّباع وجود العرض لوجود الموضوع ؛ فيكون الحيوانيّة متحصّلة في مادّة تقوّمت بذاتها ، أي من غير أن تكون الحيوانيّة مقوّمة لتلك المادّة. بل إنّ تلك المادّة علّة لقوام الحيوانيّة التى حلّتها ، فلا تكون الحيوانيّة إلّا قائمة في موضوع.
وبيان الجواب وتحريره ، أنّ النفس النباتيّة ـ بما هي نفس نباتيّة ـ لا يجب عنها إلّا جسم متغذّ مطلقا ، وأنّ النفس النباتيّة مطلقة ليس لها وجود إلّا وجود معنى جنسيّ ، وذلك في الوهم ، أي في الذهن فقط. وأمّا الموجود في الأعيان ، فهو أنواعها. فحينئذ نقول : إنّ النفس النباتيّة ـ بما هي نفس نباتيّة مطلقة ـ سبب واحد عامّ يجب عنه شيء عامّ أيضا ، أي كلّي غير محصّل ، وهو الجسم المتغذي النامي المطلق الجنسي الغير المنوّع. وأمّا الجسم ذو آلات الحسّ والتميّز والحركة الإراديّة ، فليس مصدره عن النفس النباتيّة بما هي نفس نباتيّة ، بل بما ينضمّ إليها من فصل آخر يصير به طبيعة اخرى ، ولا يكون ذلك إلّا أن يصير نفسا حيوانية. فظهر من ذلك أنّ المادة القريبة للنفس النباتيّة ـ بما هي نباتيّة ـ لا تكون بعينها مادّة قريبة للنفس الحيوانيّة بما هي حيوانيّة ، بل المادّتان متغايرتان كالنفسين. وأنّه لا يمكن أن تبقى مادّة النباتيّة بعينها مادّة للحيوانيّة ، متقوّمة بالنباتيّة فقط ، حتّى يمكن فرض النفس الحيوانيّة عرضا قائما في موضوع هو مادّة النباتيّة ، بل إنّ تقوّم المادّة الحيوانيّة بالنفس الحيوانيّة ؛ فهي أيضا ليست بعرض كالنفس النباتيّة التي فرض تقوّم مادّتها بها.
ثمّ إنّه بيّن الجواب عن هذا الإشكال بوجه آخر أبسط وأوضح ، وتحريره : أنّ النفس النباتيّة إمّا أن يعنى بها النفس النوعيّة التى تخصّ النبات دون الحيوان ، أو يعنى بها المعنى العامّ الذي يعمّ النفس النباتيّة والحيوانيّة من جهة ما يغتذي ويولّد وينمو ، فإنّ هذا قد يسمّى نفسا نباتيّة ، وهذا مجاز من القول ، فإنّ النفس النباتيّة لا تكون إلّا في النبات ، ولكن المعنى العامّ الذي يعمّ نفس النبات والحيوان يكون في الحيوانات ، كما يكون في النبات ، ووجوده كما يوجد المعنى العامّ في الأشياء. وإمّا أن يعنى بها القوّة من قوى النفس الحيوانيّة التي يصدر عنها أفعال التغذية والتربية والتوليد ، كما هو مقتضى القول