هو أقلّ قليل منها.
وتلخّص لك مما ذكرنا ، أنّ مثل النبيّ عليهالسلام بالنسبة إلى المكلّفين في التكاليف العقليّة ، أي الاصوليّة ، هو مثل أن يكون هناك طريق واضح رشد يفضي سالكه إن سلكه إلى المقصود الخير ، إلّا أنّ بعض سالكيه وإن كانوا صحيحي البصيرة والبصر ، لكنّهم نيام يحتاجون إلى موقظ يوقظهم ليتيقّظوا ويفتحوا أعينهم ويروا السبيل لكي يسلكوه. وبعضهم ، وإن كانوا متيقّظين ، لكنّهم رمد العين معيوبو البصر يحتاجون إلى معالج يعالج بصرهم ويزيل الغشاوة عن أعينهم حتّى يروا السبيل ويسلكوه ، وهذا الموقظ والمعالج هو النبيّ عليهالسلام.
وأمّا مثله بالنسبة إليهم في التكاليف الشرعيّة الفرعيّة ، كمثل أن يكون هناك طريق رشد ، وسبيل واضح أيضا ، إلّا أنّ سالكيه كلّهم عمون يحتاجون إلى قائد يقودهم ، ودليل يدلّهم ، وآخذ يأخذ بأيديهم ويسلك بهم ذلك السبيل ، وهذا هو أيضا النبيّ عليهالسلام (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (١)
في بيان اختصاص الإنسان بالقوّة العقليّة
وقد تلخّص لك أيضا من هذه الجملة أنّ الانسان ـ من بين أنواع الحيوان ـ مختصّ بخاصّيّة ، هي كونهم قابلين للتكاليف العقليّة والفرعيّة والخطابات الشرعيّة التي هي قوانين كلّيّة ، فيظهر منه أنّ الإنسان مختصّ بخاصّيّة هي إدراك المعاني الكلّية دون سائر أفراد الحيوان ، وأنّه بسبب حصول القوّة العقليّة فيه ، التي هي مدركة الكلّيات ، اختصّ بتلك التكاليف والخطابات.
خاصّيّة للإنسان
وحيث عرفت ما ذكرناه ، فاعلم أنّه من جملة خواصّ الإنسان أنّه يتبع إدراكاته
__________________
(١) العنكبوت / ٤٣.