غيبوبة حاملها.
وأمّا العقل فيقتدر على تجريد الماهيّة (٢) المكفوفة باللواحق الغريبة المشخّصة إيّاها ، حتّى كأنّه عمل بالمحسوس عملا جعله معقولا». «وأمّا ما هو في ذاته بريء عن الشوائب المادّية واللواحق الغريبة التي لا تلزم ماهيّته (٣) عن ماهيّته ، فهو معقول لذاته ، ليس يحتاج إلى عمل يعمل به يعدّه لأن يعقله ما من شأنه أن يعقله ، بل لعلّه في (٤) جانب من شأنه أن يعقله». ـ انتهى كلامه ـ وقال في إلهيات الشفاء هكذا : (١)
فصل في العلم وأنّه عرض
وأمّا العلم فإنّ فيه شبهة ، وذلك لأنّ لقائل أن يقول أنّ العلم هو المكتسب من صور الموجودات مجرّدة عن موادّها ، وهي صور جواهر وأعراض ، فإن كانت صور الأعراض أعراضا ، فصور الجواهر كيف تكون أعراضا؟ فإنّ الجوهر لذاته جوهر ، فماهيّته (٥) لا تكون في موضوع البتّة ، وماهيّته (٦) محفوظة ، سواء نسبت إلى إدراك العقل لها ، أو نسبت إلى الوجود الخارجيّ. فنقول : إنّ ماهيّة (٧) الجوهر ، بمعنى أنّه الموجود في الأعيان لا في موضوع ، وهذا الصفة موجودة لماهيّة (٨) الجواهر المعقولة ، فإنّها ماهيّة (٩) شأنها أن تكون موجودة فى الأعيان (١٠) ، أي أنّ هذه الماهيّة (١١) هي معقولة عن أمر وجوده في الأعيان أن يكون لا في موضوع. وأمّا وجوده في العقل بهذه الصفة ، فليس ذلك في حدّه من حيث هو جوهر ، أي ليس حدّ الجوهر أنّه في العقل لا في موضوع ، بل حدّه أنّه سواء كان في العقل أو لم يكن ، فإنّ وجوده في الأعيان ليس في موضوع.
فإن قيل : فالعقل أيضا من الأعيان. قيل : يراد بالعين التي إذا حصل فيها الجوهر صدرت عنه أفاعيله وأحكامه ، والحركة كذلك ماهيّتها (١٢) أنّها كمال ما بالقوّة ، وليست في
__________________
(١) الشفاء ـ الإلهيّات / ١٤٠ ـ ١٤٤.
(٢) في المصدر : تجريد الماهيّة ...
(٣) لا تلزم ماهيّته عن ماهيّته ...
(٤) لعله من جانب ما من شأنه ...
(٥) فماهيّته جوهر لا تكون ...
(٦) وماهيّته ...
(٧) إنّ ماهيّة ...
(٨) لماهيّة ...
(٩) ماهيّة شأنها ...
(١٠) الأعيان لا في موضوع ...
(١١) هذه الماهيّة ...
(١٢) ماهيّتها أنّها.