وبالجملة مناط الموجوديّة ومنشأ انتزاعها ، وقد يعبّر عنه فى الفارسية ب «هستى».
وكذلك للعلم معنيان :
أحدهما معنى مصدريّ انتزاعيّ هو عبارة عن انكشاف المعلوم عند العالم به ، وقد يعبّر عنه في الفارسية ب «دانا بودن ودانستن».
والآخر ما به يصير الشيء عالما ، وبه يصحّ انتزاع ذلك المعنى الانتزاعيّ عنه ، وقد يعبّر عنه في الفارسية ب «دانش».
وكذلك الحال في كثير من الصفات ، كالحياة والقدرة. فكذلك الإدراك أيضا ـ سواء اريد به المعنى العامّ المتناول لأقسامه الأربعة ، أعني الإحساس والتخيّل والتوهّم والتعقّل المسمّى بالعلم ، كما هو المراد هنا ، حتّى يكون العلم أيضا قسما منه وأخصّ منه ، مندرجا عنه اندراج النوع تحت الجنس ، أو أريد به خصوص الإحساس ، كما قد يطلق ويراد به ذلك وإن لم يكن مرادا هنا ـ فله أيضا معنيان :
أحدهما معنى مصدريّ انتزاعيّ ، هو عبارة عن انكشاف المدرك عند المدرك ، وقد يعبّر عنه فى الفارسية ب «دريافتن».
والآخر ما به يصير الشيء مدركا ، وبه يصحّ انتزاع ذلك المعنى الانتزاعي عنه.
فكما أنّ في الإدراك والعلم الحضوريّ يكون مناط ذلك الإدراك حضور ذلك المعلوم والمدرك عند العالم به المدرك له ، ويكون ذلك مستندا إلى أمر به كان الحضور ، كالاتّحاد والعينيّة في علم النفس بذاتها ، أو ربط الآليّة في علم النفس بما يدركه حواسّها آلاتها ، أو ربط العلّيّة التامّة ، كما يقولون في علم الله تعالى بالموجودات بعد وجودها. كذلك في الإدراك الحصوليّ ـ سواء كان إدراكا لأمر جزئيّ أو كلّيّ ـ يجب أن يكون لذلك الإدراك مناط ومنشأ ، إذ من المعلوم أنّه عند إدراك شيء خارج عن ذات المدرك إدراكا حصوليّا يحصل للذات المدركة له ـ كالنفس ـ أمر بسببه تكون قد أدركته ، ولم يكن ذلك الأمر قد حصل لها قبل ذلك ، فلم تكن مدركة له ؛ وأنّ ذلك الأمر الحاصل حينئذ هو منشأ ذلك الإدراك.