تعالى ممّا لا يمكن ، حيث إنّ تجريده عن الوجود العينيّ غير ممكن ، فإنّ وجوده تعالى عين ذاته عينيّة حقيقيّة ، وتجريد الشيء عن نفسه ممتنع بالضرورة.
ثمّ إنّك بعد ما تحقّقت ما ذكرناه ، تبيّنت أنّ تلك الماهيّة الحاصلة في الذهن من حيث إنّها معلومة ومدركة قد تكون جزئيّة ، وقد تكون كلّيّة. أمّا الكلّيّة فكالماهيّة التي يدركها العقل ، أي يدركها النفس بذاتها لا بتوسّط الحواسّ ، سواء كانت قد انتزعت تلك الماهيّة من جزئيّات متعدّدة ، أو جزئيّ واحد مادّيّ ، أو مجرّد ، فإنّه في جميع هذه الصور تكون تلك الماهيّة كلّيّة ، وكذلك المعلوم بالذات كلّيّا والمعلوم بالعرض جزئيّا. وأمّا الماهيّة الجزئيّة ، فكالماهيّة التي يدركها النفس بتوسّط الحواسّ ، فإنّها جزئيّة البتّة ، ويكون المدرك بالذات وبالعرض جميعا جزئيّا ، إلّا أنّ الصورة الإدراكيّة والعلميّة من حيث إنّها صورة إدراكيّة علميّة ، أي من حيث إنّها علم ، فهي جزئيّة ليس إلّا ، وإن كانت الماهيّة المعلومة كلّيّة أيضا ، لأنّها من هذه الحيثيّة صورة خاصّة حاصلة في نفس جزئيّة ، كما سنزيده بيانا.
ثمّ إنّه حيث كانت تلك الماهيّة من حيث كونها صورة علميّة ، ومن حيث كونها حاصلة في الذهن قائمة به ، موجودة في موضوع هو النفس ، أو قوّة ، من قواها فتكون هي من مقولة العرض ، وكذا تكون من مقولة الكيف ، حيث يصدق عليها رسمه الذي ذكروه له ، وهو أنّه عرض لا يقتضي لذاته قسمة ولا نسبة.
وحيث عرفت ما ذكرنا ، فاعلم أنّ الظاهر من كلمات الشيخ أنّه أراد بذلك الأمر الحاصل في الذهن هذا المعنى الذي ذكرنا ، إلّا أنّه أطلق عليه أسامي مختلفة وعبّر عنه بعبارات متعدّدة.
فتارة أطلق عليه اسم الصورة نظرا إلى ما نقلنا عنه ، وهو أنّ الصورة قد تطلق على معنى بالفعل يصلح أن يعقل ، أي يدركه النفس ؛ والقوّة العاقلة أعمّ من أن تدركها بذاتها ، كما في إدراكها للكلّيّات ؛ أو بتوسّط الحواسّ ، كما في ادراكها للجزئيّات. فلذلك اطلق الماهيّة على صورة الجسم فيما نقلنا عنه أيضا.
وتارة اسم المعنى في خصوص مدركات الوهم ، نظرا إلى ما نقلنا عنه ، وهو أنّ