الأعيان الخارجيّة مثل كثير من الأشكال الهندسيّة ، مثلا كالكرة المحيطة باثنتى (١) عشرة قاعدة مخمّسات ، بل كثير من المفروضات التي لا تمكن إذا فرضت في الهندسة ، كما يفرض مثلا من الممتنعات ليتبيّن (٢) به الخلف ، فيكون (٣) تلك الحقيقة ممّا لا تتحقّق أصلا ، إذ لا حقيقة لها في الخارج.
ولمّا كانت ممّا (٤) يدرك ، فعلم أنّها موجودة لا في الخارج بل عند المدرك وفيما لا يباينه. فبإبطال القسم الاوّل تحقّق (٥) الثاني. وأشار إلى ذلك بقوله «وهو (٦) الثاني» ، والمثال في قوله «أو يكون مثال حقيقته» هو الصّورة المنتزعة ، أو الصّورة التي لا تحتاج إلى الانتزاع من الشيء الذي لو كان في الخارج لكان هو فهذا بيان ما قاله الشيخ» ـ انتهى كلامه (ره) ـ.
كلام مع المحقّق الطوسيّ
وأقول : إنّ ما ذكره (ره) لا غبار عليه ، إلّا أنّ حمل هذا الكلام على الاستدلال المذكور بإبطال القسم الأوّل كأنّه لا يلائمه سياق ظاهر كلام الشيخ ، بل إنّ ظاهر سياقه يدلّ على أنّ الأشياء الخارجة عن ذات المدرك تكون على قسمين ، وأنّ حقيقتها المتمثّلة عند المدرك تكون على نوعين كما حملنا عليه كلامه. وعلى تقدير حمله على ما حمله (ره) أيضا ، فكأنّه لا يتمّ البيان الذي ادّعاه ، إذ هذا البيان إنّما يتمّ في الأشياء التي لا وجود لها في الخارج ، ولم يتبيّن منه أنّ الأشياء التي لها وجود خارجيّ وحقيقة خارجيّة لا يمكن أن تتمثّل حقائقها عند المدرك.
اللهمّ إلّا أن يقول هو (ره) : إنّ الشيخ أحال ذلك على الظّهور ، حيث إنّه كما لا تتمثّل الحقيقة الخارجيّة من الشيء الذي لا يكون له وجود في الخارج عند المدرك ، إذ لا وجود له ولا حقيقة. كذلك من الظاهر أنّه لا تتمثّل عنده الحقيقة الخارجيّة من الشيء الذي له وجود في الخارج ، إذ لو كان كذلك ، لكان تترتّب على تلك الحقيقة المتمثّلة الآثار
__________________
(١) في المصدر : باثنى عشر ...
(٢) ليبيّن ...
(٣) فتكون ...
(٤) ممّا تدرك ، علم ...
(٥) يتحقّق ...
(٦) وهو الباقي.