شواهد سمعيّة على هذا المطلب
وحيث عرفت ما نقلنا عنهم من الإقناعيّات التي تفيد الطمأنينة في تجرّد النّفس الإنسانيّة ، ومع ذلك يفيد بعضها قطعا بالمطلب أيضا ، كما يعلم بالتأمّل الصّادق فيما نقلنا.
فاعلم أنّ هاهنا شواهد سمعية أيضا تفيد نوع طمأنينة في هذا المطلب ، حيث إنّها تؤذن بشرف النّفس ، وكونها من عالم آخر غير عالم الجسم والجسمانيّات.
أمّا من الكتاب الكريم ، فلقوله تعالى : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (١).
(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (٢) (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٣).
وأمّا من الأخبار فكقوله صلىاللهعليهوآله :
«من عرف نفسه فقد عرف ربّه» (٤)
«أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه» (٥)
فيما استدلّ به بعض العلماء على نفي تجرّد
النّفس الإنسانيّة مع جواب ذلك الاستدلال
ثمّ إنّك حيث عرفت ذلك ، فاعلم أنّ من السّمعيّات ما استدلّ به بعض المتأخرين من العلماء على أنّ النّفس الإنسانيّة غير مجرّدة ، وأن لا مجرّد سوى الله تعالى ، فلا بأس بنقله وكيفيّة الاستدلال به ، ثمّ الجواب عنه.
وهو ما رواه الشيخ الكلينيّ (ره) في كتاب التوحيد من «الكافي» عن محمّد بن
__________________
(١) المؤمنون / ١٤.
(٢) يس / ٣٦.
(٣) التين / ٤.
(٤) بحار الأنوار ٢ / ٣٢ ؛ ٦١ / ٩٩ ؛ ٦٩ / ٢٩٣.
(٥) روضة الواعظين للفتّال النيسابوريّ ٢٠.