الصّفات ، يدلّ على نفي مجرّد سواه تعالى ، لأنّه لو كان مجرّد سواه تعالى ، والحال أنّ المجرّد على اصول الحكماء غير مختلف الحالات وغير متنقّل في الصّفات ، بل أنّ كمالاته بالفعل من كلّ وجه ، فلا يكون كلّ من سواه مختلف الحالات متنقّلا في الصّفات ، وهذا مخالف لما دلّ عليه قولهعليهالسلام.
وبيان الجواب : أنّ هذا لو أجري في النّفس النّاطقة الإنسانيّة فلا يتّجه ، لأنّها عند الحكماء وإن كانت مجرّدة بالذّات عن المادّة ، لكنّها محتاجة إليها في فعلها وكمالاتها تخرج من القوّة إلى الفعل بتوسّط آلاتها البدنيّة ، ولها مراتب وحالات مختلفة وصفات متفاوتة متنقّلة هي من بعضها إلى أخرى ، كالمرتبة الهيولانيّة وبالملكة وبالمستفاد ، وبالفعل من مراتب العقل النظريّ ، وكذا لها مراتب مختلفة وحالات متفاوتة من مراتب العقل العمليّ. وأيّ اختلاف حالات وتنقّل في صفات أعظم من هذا وأظهر منه؟
نعم لو أجري ذلك في العقول المفارقة التي هي على أصول الحكماء مجرّدات في الذّات والفعل جميعا وكمالاتها بالفعل من كلّ وجه ، وقلنا بها ، لربّما أمكن اتّجاهه ، ومع ذلك يمكن الجواب عنه بأنّ تلك العقول أيضا ، حيث إنّها ممكنة الوجود حادثة بالذّات عند الجميع ، وبالزّمان وبالدّهر أيضا كما هو الحقّ ، وبالجملة فهي ممّا أخرجه الموجد لها عن كتم العدم إلى الوجود ، فلها نوع اختلاف في الحالات ونحو تنقّل في الصّفات. وبذلك يمكن أن يصدق عليها أيضا أنّها مختلفة الحالات متنقّلة في الصفات ، بخلاف ذاته تعالى ، فإنّه لا اختلاف له مطلقا ولا تنقّل في صفته أصلا. والله أعلم بالصّواب وإليه المرجع والمآب.
في الاشارة إلى أنّه باتّضاح الدّليل على تجرّد النّفس
النّاطقة الإنسانية يتّضح الدّليل على جوهريّتها أيضا
وحيث انتهى الكلام إلى هذا المقام ، واتّضح لك الدّليل على تجرّد النّفس الناطقة