للإنسان. واحتجاجهم غير منتفع به إذا كانت القوّة لا تفارق بنوعيّتها ، بل بجنسيّتها ، وهما مختلفان. ومع ذلك فلنضع القوّة النباتيّة في الحيوان مخالفة للقوّة الحيوانيّة فيه ، كأنّ كلّ واحد (٢) منهما نوع محصّل منفرد بنفسه ، وليس أحدهما الآخر ، ولا مقولا عليه ، فما في ذلك ممّا يمنع أن يكون (٣) القوّتان جميعا في الحيوان لنفس الحيوان ، كما أنّه ليس إذا وجدت الرطوبة في غير الهواء ، وليست مفارقة (٤) للحرارة ، يجب من ذلك أن لا يكون (٥) الرطوبة والحرارة في الهواء بصورة (٦) واحدة ولمادّة واحدة. وليس إذا كانت حرارة توجد غير صادرة عن الحركة ، بل عن حرارة أخرى يجب من ذلك أنّ الحرارة في موضع آخر ليست تابعة للحركة.
ونقول : ليس يمتنع أنّ (٧) هذه القوى متغايرة بالنوع أيضا ، وتنسب إلى ذات واحدة هي فيه (٨) ، فأمّا كيفيّة تصوّر هذا ، فهو أنّ الأجسام العنصريّة يمنعها (٩) صرفة التّضادّ عن قبول الحياة. فكلّما أمعنت في هدم طرف من التّضادّ وردّه إلى التّوسّط الذي لا ضدّ له ، جعلت تضرب إلى تشبّه (١٠) بالأجسام السّماويّة ، فتستحقّ بذلك قبول قوّة محبّة (١١) من الجوهر المفارق المدبّر ، ثمّ إذا ازدادت قربا من التّوسّط ، ازدادت قبول حياة ، حتّى تبلغ الغاية التي لا يمكن له أن يكون (١٢) أقرب منها إلى التّوسّط ، ولا أهدم منها للطرفين (١٣). فيقبل جوهرا مقارب الشّبه من وجه ما للجوهر المفارق كما للجواهر السّماويّة ، فيكون حينئذ ما كان يحدث في غيره من المفارق ، يحدث فيه من نفس هذا الجوهر المقبول المتّصل به الجوهر. ومثال هذا في الطّبيعيّات : لتوهّم مكان الجوهر المفارق نارا (١٤) وشمسا ، فكان (١٥) البدن جرما يتأثّر عن النّار ، وليكن كوّة (١٦) (١) ما ، وليكن مكان النّفس النباتيّة تسخينها إيّاها ، ومكان النّفس الحيوانيّة إنارتها فيها ، ومكان النّفس الإنسانيّة اشتعالها (١٧) فيها نارا.
فنقول : إنّ ذلك الجرم المتأثّر كالكوّة (١٨) إن كان ليس وضعه من ذلك المؤثّر فيه وضعا
__________________
(٢) في المصدر : واحدة ...
(٣) تكون ...
(٤) مقارنة للحرارة ...
(٥) لا تكون ...
(٦) لصورة واحدة أو لمادّة ...
(٧) أن تكون هذه ...
(٨) فيها ...
(٩) تمنعها صرفيّة ...
(١٠) شبه ...
(١١) محيية ...
(١٢) تكون ...
(١٣) للطرفين المتضادّين فتقبل ...
(١٤) أو شمسا ،
(١٥) ومكان ...
(١٦) كرة ما ...
(١٧) إشعالها ...
(١٨) كالكرة.
(١) كوّة : نافذة.