مولّدة ومصوّرة ، والمولّدة تنقسم إلى نوعين : محصّلة للبذر (١) ومفصّلة إيّاه إلى أجزاء مختلفة كالأعضاء ، وهي الّتي تسمّى مغيّرة أولى بالقياس إلى التي تغيّر الغذاء خدمة للغاذية ، والغاذية المنمية تخدمان المولّدة» ـ انتهى ـ.
وأقول : إنّ من أبطل القوّة المصوّرة ـ كالمحقّق الطّوسيّ ـ نظر إلى أنّه يستحيل صدور الأفعال المحكمة المتقنة عن قوّة بسيطة عديمة الشعور ، وأمّا من أثبتها ـ كالشّيخ والأكثر ـ نظر إلى أنّ تلك الأفعال إنّما تصدر عنها بتدبير المنفرد بالجبروت تعالى شأنه ـ كما دلّ عليه كلام «الشّفا» ـ وحينئذ فلا استبعاد في إثباتها.
في الإشارة إلى الحكمة في القوى النباتيّة
وحيث عرفت ذلك فاعلم ، أنّهم ذكروا في الحكمة في هذه القوى الثلاث وسبب الاحتياج إليها : أنّ النّفوس إنّما تفيض على الأبدان المركّبة بحسب قرب أمزجتها من الاعتدال وبعدها عنه ، ولا بدّ في الأمزجة المعتدلة من أجزاء حارة بالطّبع ، وتنبعث أيضا من كلّ نفس كيفيّة فاعلة مناسبة للحياة تكون آلة لها في أفعالها وخادمة لقواها ، وهي الحرارة الغريزيّة. فالحرارتان تقبلان على تحليل الرّطوبات الموجودة في البدن المركّب ، وتعاونهما على ذلك الحرارة الغريبة من خارج. فإذن لو لا شيء يصير بدلا لما يتحلّل منه لفسد المزاج ، وبطل استعداد الممتزج لاتّصال النّفس به ، ففسد التركيب. فالعناية الإلهيّة جعلت النّفس ذات قوّة تتّخذ ما يشبه بدنها المركّب بالقوّة ، وتحيله إلى أن يشبهه بالفعل ، فتضيفه إليه بدلا عمّا يتحلّل ، وهي قوّة لا تخلو ذات نفس أرضية عنها.
ثمّ لمّا كانت الأسطقسّات متداعية إلى الانفكاك ولم يكن من شأن القوى الجسمانيّة أن تجبرها على الالتيام أبدا ، وكانت العناية المتعالية الإلهيّة مستبقية للطّبائع النّوعيّة دائما ، فقدّر بقائها بتلاحق الأشخاص.
أمّا فيما لم يتعذّر اجتماع أجزائه ، لبعده عن الاعتدال ولسعة عرض مزاجه ، فعلى
__________________
(١) في المصدر : .. للبدن.