هي القوّة الهاضمة.
ومراتب الهضم أربع : أوّلها في المعدة ، وثانيتها في الكبد ، وثالثتها في العروق ورابعتها في الأعضاء. كما فصّل ذلك في الكتب الطّبّيّة.
وأمّا إلى الدّافعة ، فلأنّه ليس الغذاء يصير بتمامه جزءا من المغتذي ، بل يفضل منه ما يضيق المكان ، ويمنع ما يرد من الغذاء عن الوصول إلى الأعضاء ، ويوجب ثقل البدن ، بل يفسد ويفسد ، فلا بدّ من قوّة تدفع تلك الفضلات ، وهي الدّافعة ، وقد يتضاعف هذه القوى لبعض الأعضاء ، كما للمعدة ، فإنّ فيها الجاذبة والماسكة والهاضمة والدّافعة بالنسبة إلى غذاء جميع البدن ، وفيها أيضا هذه القوى بالنسبة إلى ما تغتذي به خاصّة ، فهذه هي القوى الخادمة للغاذية ، ويلزم منه أن تكون هي خادمة للنامية والمولّدة ، كما أنّ الغاذية خادمة لهما ، فهذا هو الكلام في القوى النّباتيّة.
وأمّا الكلام في القوى الحيوانيّة
أي القوى التي يشارك بها الإنسان الحيوانات العجم دون النّبات ، فهو أنّهم ذكروا أنّ القوّة الحيوانيّة بالقسمة الأولى تنقسم إلى قوّتين : محرّكة ومدركة ، أمّا المحرّكة ـ والمراد بها ما تكون مبدأ للحركات الجزئيّة الاختياريّة التي تصدر عن شيء يقدر على الفعل والترك ، ويتساوى نسبتها إليه بحسب إرادة ترجّح أحدهما. وبعبارة أخرى ما تكون مبدأ للأفعال المختلفة المقترنة بإرادة التي تنسب إلى النّفس الحيوانيّة في الحيوان ـ فهي تنقسم [إلى] قسمين : محرّكة بأنّها باعثة على الحركة ، ومحرّكة بأنّها فاعلة للحركة.
والباعثة هي القوّة النّزوعيّة الشّوقيّة ، وهي التي إذا ارتسمت في التخيّل مثلا صورة مطلوبة أو مهروبة عنها ، بعثت القوّة المحرّكة الفاعلة للحركة على الحركة ، ولهذه الباعثة شعبتان :
شعبة تسمّى قوّة شهوانيّة ، وهي قوّة تنبعث على تحريك يقرب به من الأشياء المتخيّلة ضروريّة كانت أو نافعة ، طلبا للّذة.