وتحقيق القول في هذا المرام يقتضي بسطا في الكلام لا يناسب المقام.
في الذّائقة
ومنها الذّوق ، وهي كما ذكره الشّيخ في «الشّفاء» «قوّة مرتّبة في العصب المفروض (١) على جرم اللسان ، تدرك الطّعوم المتحلّلة من الأجرام المماسّة له ، المخالطة للرّطوبة العذبة التي فيها مخالطة محيلة».
وذكر علماء التشريح : أنّ الحامل لهذه القوّة هو الشعبة الرابعة من الزّوج الثالث ، الذي منبته الحدّ المشترك بين مقدّم الدّماغ ومؤخّره من لدن قاعدة الدّماغ ، وتنفذ هذه الشعبة في ثقبة في الفكّ الأعلى إلى اللّسان.
ثمّ إنّ هذه القوّة ـ كما أشرنا إليه ـ تالية للّمس في الاحتياج إليها ، ومنفعتها أيضا في الفعل الذي به يتقوّم البدن ، وهي معرفة الصّالح من الغذاء والفاسد منه. وتجانس هذه القوّة اللّمس في شيء ، وهو أنّ المذوق في أكثر الأمر يدرك بالملاسة ، وتفارقها في أنّ نفس الملامسة تؤدّي الطعم. كما أنّ نفس ملامسة الحارّ تؤدّي الحرارة ، بل كان يحتاج إلى متوسّط يقبل الطّعم ويكون في نفسه لا طعم له ، وهو الرّطوبة اللّعابيّة المنبعثة من الآلة المسمّاة بالملعبة ، فإن كانت هذه الرّطوبة عديمة الطّعم ، أدّت الطّعوم بصحّة ، وإن خالطها طعم ، كما يكون للممرورين من المرارة ، لمن كان في معدته خلط حامض مثلا ، يشوب ما يؤدّيه بالطّعم الذي فيه.
وأمّا أنّ هذه الرّطوبة اللّعابيّة هل هي تتوسّط ، بأن يخالطها أجزاء ذي الطّعم مخالطة تنتشر فيها ثمّ تتغذّى فتغوص في اللّسان ، حتّى تخالط اللّسان فيحسّه ، أو يكون نفس هذه الرّطوبة تستحيل إلى قبول الطعم من غير مخالطة ، فهو موضع نظر ، وتحقيقه في «الشّفاء» فليرجع إليه.
__________________
(١) في المصدر : المفروش.